محمد عصام//
كنت في طريقي إلى دوار البحارة حيث أستر فيه ضلوعي، فأثار انتباهي مجموعة من الأطفال الصغار الذين تتراوح أعمارهم بين سبع سنوات واثنتا عشر سنة، وهم وسط إحدى المزبلات يقلبون الأزبال، فاقتربت منهم، ودخلت معهم في نقاش ممتع ومرير في نفس الوقت، وأنا أتحدث إلى هؤلاء “الميخالين” استحضرت الأطفال البرلمانين، وقلت مع نفسي إن الأطفال البرلمانين ينالون ما يستحقون من تغطية إعلامية، إذ تتبعهم الكاميرات، وتصورهم التلفازات وتتابع الصحافة أخبارهم وأنشطتهم، فلماذا لا ينال الأطفال “الميخاليون” حظهم في التغطية الإعلامية كذلك؟ وأنا أحاورهم اكتشفت أنهم أيضا منظمون ولو بشكل عشوائي، وأن جمعهم يمثل شبه برلماني صغير، فهم يجتمعون كل مساء ويعقدون جلسات طويلة للتدخين وشم “السيليسيون” وبعد ذلك يشكلون فيما بينهم مجموعة من لجن البحث و التفتيش والتقصي، وتقوم هذه اللجن بفحص وتقليب محتويات المزبلة مع التركيز على المفروغات الجديدة، وإذا لم تسفر عملية التقصي عن أي شيء، فإنهم يخرجون بتوصيات من أجل الانتقال إلى ” الدْرُوبَـا” والأحياء لتفتيش أكياس القمامة المنتشرة أمام المنازل.
وعن العراقيل التي تواجههم يقول هؤلاء “المخاليون”: بأن أطفالا من دواوير أخرى يتطفلون عليهم أحيانا ويهجمون على مزابلهم مما يجعلهم يدخلون معهم في معارك تخلف جرحى ومعطوبين، وعن مشاريعهم المستقبلية فإنهم لا يحلمون باستقبال أطفال البرلمان الأوروبي، وإنما يحلمون بأن يمتد نشاطهم المزبلي ليشمل المزبلة الرئيسية للمدينة، وأن تكون هذه الأخيرة دون رائحة هذا كل ما يحلمون به.