لسان الشعب//
مما لاشك فيه أن مجرد التفكير في إنجاز مشروع ما اصبح يطلق عليه باسم ” سويقة الصوصيص” بمحاذاة سور الحي البرتغالي المصنف عالميا كتراث ثقافي يعتبر حسب المتتبعين والمتخصصين ضربا من العبث والارتجالية والافتقار إلى أدنى رؤية حقيقية لمفهوم التنمية ومتطلباتها التي تستوجب إشراك رأي الفعاليات المهتمة بالمجال حتى يتسنى بلورة سياسات تنموية تجعل المواطن أحد أهدافها تنزيلا لاحكام الوثيقة الدستورية لسنة 2011.
هذا ورغم كل الاحتجاجات المتحضرة التي تبنتها بكل مسؤولية وحكمة جمعيات المجتمع المدني والهيئات المهتمة بالميدان لازالت السلطات الإقليمية مستمرة في عبثها وتعنتها رغم ان الأمر بسيط ولايتطلب سوى الرجوع الى نقطة الصفر وفتح حوار جاد وحضاري من خلال إشراك كل المتخصصين والمهتمين والخبراء بهدف البحث عن سبل تنموية بديلة تراعي مبدأ احترام الالتزامات وتحمي كرامة الباعة الجائلين وفق التوجيهات الملكية السامية و التي انبثقت على أساسها فلسفة الجيل الثالث من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.
إن التحرك الذي دشنته فعاليات المجتمع المدني دفاعا على مبدأ مشروعية تراث ثقافي عالمي يثلج القلوب ويعيد الثقة في النفس ويحيي الأمل في أن ارحام أمهات هذه المدينة الابية قد أنجبت رجالا شرفاء قادرون على حمايتها من الأيادي العابثة وصونها من التواطئات المفضوحة لتجار السياسة وبائعي الذمم وطغمة المنتخبين الفاسدين مادام ان ثلة من شرفاء هيئات المجتمع المدني لازالت محصنة من عدوى الانحلال الخلقي ووباء الاسترزاق والاستجداء المذل ولها من قوة الكاريزما ما يمكنها من أن تعيد ترتيب الأوراق المبعثرة وتفضح بالمقابل ضعف رؤية السلطات الإقليمية في تبني نموذج تنموي يخدم المصلحة العامة ويناى عن التخبط في الصراعات النفعية الضيقة والحسابات الانتخابوية غير المحسوبة العواقب والتي اثرث وبشكل فاضح في شل العديد من المبادرات التنموية ذات النفع العام كمشروع تهيئة شوارع وازقة المدينة الذي اجهضته حسابات سياسوية ضيقة لم تستطع السلطة الإقليمية وعلى راسها عامل الإقليم على حلها كملف من الملفات الحساسة والمصنفة ضمن أولويات انتظارات ساكنة المدينة.
إن ضعف رؤية السلطة الإقليمية على امتلاك تصور تنموي هو نتيجة حتمية لغياب إرادة حقيقية تهدف إلى إشراك كل الفعاليات الجادة والهيئات المختصة في بلورة الرؤى وتنزيل التصورات وترجمتها على أرض الواقع وخلق جسور التواصل البناء المبني على ثقافة الاصغاء وتقبل الرأي الاخر وامتلاك آليات تدبير الخلاف البعيدة عن منطق خطاب الترهيب والتخويف ولغة الزمن البائد التي مافئت السلطة الإقليمية تمتطي صهوتها في كل مناسبة خلال جولاتها المارطونية للمجالس الجماعية.
ويبدو أن رضا بعض النفوس الضعيفة من ممثلي الساكنة عن تقبل هذه الخرجات العنترية غير المحسوبة وابتلاعها لدليل قاطع على أن بطون اغلبيتهم هؤلاء مملوءة بالعجينة كما يقال بالدارجة وهي اقل ما يوصف بأنها نوع من خيانة الأمانة التي تحملوا ازرها لتمثيل الساكنة وتلبية مطالبها والدفاع عن مشروعية هذه المطالب.
أمام هذا الفشل في تبني تصور لنموذج تنموي قادر على الاستجابة لمتطلبات التنمية يبقى الأمل معقودا على الفعاليات الجادة من هيئات المجتمع المدني ومختلف الفاعلين الشرفاء للتصدي لكل اختلال من شأنه أن يحيد عن المسار الحقيقي للتنمية كما ارادها جلالة الملك والدفاع بكل السبل القانونية والمشروعة على إيصال صوتها إلى الدوائر المعنية من أجل تصحيح الأوضاع وإعادة الأمور إلى نصابها وفتح قنوات التواصل المسؤول والفعال لإيجاد الحلول الانية للملفات التنموية ذات الطابع الاستعجالي كملف مشروع الطريق الرابطة بين الجديدة والجرف الأصفر الذي لازال متعثرا وملف المقبرة الذي عرف أشكالا مختلفة من طرق الاحتجاج وملف سور العار الذي تم فرضه ضدا على ارادة الساكنة وملف فرض مجازر لوبيات القطاع الخاص على المهنيين ومالها من تداعيات سلبية على القطاع تستدعي استحضار منطق الحكمة والتريث لإيجاد حلول توافقية ترضي كل الأطراف إضافة إلى ملف “فضاء ماكلتي” الذي استنفر هيئات المجتمع المدني وسيزيد الوضع تصعيدا واحتقانا سيما وأن السلطة الإقليمية لازالت توصد اذانها بمنطق التعنت واللا مبالاة رغم اجهاضه في عهد العامل السابق ثم ملف تهيئة شوارع وازقة المدينة الذي لازال حبيس صراعات ضيقة ولم تستطع السلطة الإقليمية إيجاد حل له سوى ظهورها الاستعراضي للإشراف على مراسيم ترقيع الحفر ببعض المقاطع الطرقية. في حين ان الامر يتعلق بمشروع تم اقتراض الملايير لتحقيقه وتكبدت ميزانية الجماعة خسارة بملايين الدراهم كحكم قضائي لفائدة المقاولة نائلة الصفقة ستصرف طبعا من جيوب دافعي الضرائب.
فمن المسؤول عن كل هذا العبث؟وهل ستتحرك الدوائر العليا لإنقاذ مايمكن انقاذه؟
كلها إذن ملفات وملفات أخرى أكثر حساسية تعيد وبكل إلحاح إعادة طرح سؤال رهان التنمية بالاقليم ؟ فهل سيتمكن محمد الكروج عامل إقليم الجديدة من إعادة تأسيس تصور تنموي يتماشى مع متطلبات الجيل الثالث للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية؟ ام أن دار لقمان ستظل على حالها.
وهل سيتحمل الساهرون على تدبير الشأن المحلي بهذه المدينة مسؤوليتهم القانونية والتاريخية والاخلاقية للبحث عن الحلول الممكنة؟ أم أن سكوتهم واصطفافهم في موقع المتفرج هو نوع من التواطئ المفضوح؟
واملا في تحقيق هذه المكتسبات يبقى الرهان الحقيقي معقودا على الهيئات الشريفة والفعاليات الجادة لتشخيص الأوضاع وتصحيح الاختلالات وتمثيل من لا تمثيلية له.وايصال أصوات هذ المطالب الى الجهات المعنية لفضح المستور وتحميلهم مسؤولية هذا العبث.