محمد عصام//
إن الإعلام الصحي والصحيح هو الذي يتفاعل مع القضايا التي تشغل المواطنين وتؤرقهم وتنال قسطا مهما من اهتمامهم وراحتهم. وإنه لَأمر مثير للاستغراب أن يحيد من انتخبوه ليمثلهم عن سكة الدفاع الصحيح على مصالحهم، فيصير في أعينهم كالذئب وسط أغنامهم، لاتهمه من المصالح إلا نصيبه فريسة بهذه الحظيرة. هي سنوات قليلة خلت، لم يكن “عبد الغاني مخداد” إلا ابنا لطيفا بدوارهم، يمازحونه ويمازحهم وهو يساعد والده في بيع “النعال” أو “البلاغي” بالأسواق الأسبوعية، وكأنها غضبة من شريف آلمه بلسانه أو بثمنه وهو يتاجره في بيع “نعلة” أو “بلغة”، فأصيب في غفلة من الزمن بسرطان السياسة والانتخابات، فارتقى بسرعة من براءة بيع “البلاغي” إلى احتراف الكذب السياسي وقول الزور”النفاقي”، وبوجه صلب فقد حياء الحق والصدق، ذلك أنه لم يستحي لمَّا ساهم وزكى ودعم مخطط مصادرة أراضي الفلاحين البسطاء الذين انتخبوه للدفاع عن مصالحهم، فأضحى كالجندي الذي يخون كثيبته ويصوب السلاح في وجه زملائه وعشيرته. حبكت الخطة واكتملت أركان الجريمة ولم يتبق إلا طرد الفلاحين من أراضيهم وإقامة مطرح للنفايات وسط الأراضي السقوية جوار تجمع سكني كثيف، فهرول المواطنون المشكلون للهيئة الناخبة للمدعو “مخداد” وأمثاله نحو الوزارة المعنية، بعد أن نظموا أنفسهم في جمعيات حتى يتمكنوا من إسماع صوتهم. هرولوا مدعورين -لإنقاذ أراضيهم ودواويرهم وأبنائهم وفلاحتهم وماشيتهم من غول المطرح الفتاك القادم إليهم-.
الأمر الذي جعل الوزيرة المكلفة بالقطاع تدرك أن وراء الملف شر أريد للساكنة عن قصد، فكلفت لجنة بالانتقال حيث الأرض والجمعيات المشتكية والاستماع للساكنة، فوقفت بذلك على جريمة أوشكت أن تصيب المنطقة، فعطلت قرارها وفتحت المجال لإقامة دراسة جديدة للبحث عن مطرح جديد، خصوصا لما أدركت أن أراضي الدولة تحتضن مقالع صالحة أن تكون مطرحا للنفايات، فانسجمت في قرارها مع توجيهات جلالة الملك حول مسعى رعاية المواطنين البسطاء والفقراء والسعي لتنميتهم بحسن تدبير إمكانياتهم الذاتية المحلية وعلى رأسها أملاكهم مبرر وجودهم..
هي إذن جريمة كادت أن تقع ضد البيئة ومن بها، من حجر وشجر وحيوان وإنسان، المجرم كل من ساهم أو شارك وبمختلف المواقع سواء بالجماعات المعنية أو العمالة أو المجلس الإقليمي، أو ما يسمى باللجنة الاستشارية أو غيرها..
هؤلاء المجرمون سواء أدركوا ذلك أو لم يدركوه، فإن الساكنة أدركته وأدركت خبث بعض السياسيين ومن يجاريهم من المسؤولين الإداريين، السعي للتخريب والإضرار بالساكنة بغرض استمالتها للنقمة على بعض برلمانيي المنطقة بتحميلهم مسؤولية الكارثة الجريمة..
إن اللسان المعبر عن هذا الصوت الخبيث هو المتحدث دفاعا عن الساكنة محتجا على عرقلة قرار إقامة المطرح بعد استنفاذ الدراسات ووصوله للمراحل الأخيرة، هو سؤال المدعو “مخداد” البرلماني عن حزب “التراكتور” وممثل ساكنة سيدي بنور للوزير “مصطفى الخلفي” عن حزب “المصباح” والذي هو نفسه برلماني بذات المنطقة، هذا السؤال يشكل في ظاهره كلمة حق أريد بها باطل، هذا الباطل عرّاه وكشفه للعادي والبادي، ومنها الساكنة والشعب المغربي، فكان جواب الوزير “الخلفي” بمثابة شمس البراءة له ولحزبه وصك اتهام لـ:”مخداد”وحزبه، حين فضح بوضوح حقيقة البرلماني “مخداد” وألبسه قميص المجرم المعادي للساكنة البسيطة والفقيرة والخائن لتوجيهات جلالة الملك الآمرة بحسن رعاية الطبقة الفقيرة..
إن المتتبع للجلسة البرلمانية، المستمع بإمعان لوقاحة سؤال “مخداد” وشراسة رد الوزير “الخلفي” وتصفيقات قبة البرلمان وتعالي صياح الاستنكار، ليستغرب “الوجه القاسح” في الدفاع عن الخطأ والضرر والباطل، وكأن الساكنة انتخبت عدوا لها لا صديقا حميما المعروف قبل سنوات ببساطته وفقره ويساعد والده في بيع “البلاغي”..
إن هذا الاكتشاف الذي توصلت إليه “لسان الشعب” وتُبْسطُهُ لقرائها، ألْهَمَهَا الفضول للاهتمام بجماعة “مخداد” ومشاريع “مخداد” وصفقات “مخداد” لإماطة اللثام عن الوجه الحقيقي لـ:“مخداد” وما يهم “مخداد”، أهو الدفاع بحق عن الساكنة أم أن هذه الأخيرة بالنسبة لـ:“مخداد” مجرد سلك للصعود، وبعد الصعود لا يهم “مخداد” سقوطها في ويل المطارح والنفايات؟..