لسان الشعب//
أمامكم أيها المفوضون القضائيون وكتابكم يوم تشيب لهوله سود النواصي، أصبحتم حديث القاصي والداني، غيبتم من سيرتكم من كان يشفع لكم بمروءته في نواقصكم، ووليتم أمركم من يتأبط خنجرا جاهزا ليفتك بكم. التسامح و الشفقة ارتفع حظكم فيهما، لهول ما قدمت أيديكم، كان الترقب والأمل، في أن تتغيروا يوما للأحسن، لكن بددتم الأمل وقطعتم الشك باليقين، بجركم من قبل ضعفكم للاختباء وراء مزبلة الفساد، وأنتم تدرون أن الحرامي لا يحمي دوما أنصاره. لعلمكم، اجتمع الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بالجديدة، مطلع السنة الماضية، مع الهيئات المهنية، منبها لضرورة التعاون من أجل محاربة تجليات الفساد، الخادشة لوجه العدالة، منبها لضرورة التحرك لحماية المهن، من سوء سلوك و تصرفات ممارسيها، فهلا وصلتكم الرسالة، وأقلعتم عن ما أنتم فيه من غدر و مكر، والترغيب و الترهيب والوعيد والمواعظ تهاطلت عليكم كالمطر، سرا و علنا من ذا المروءة، و أنتم تقابلونها عن جهالة باستهزاء واستهتار، وما أن سنحت لكم الفرصة حتى تخلصتم من القيم و ابتعدتم عن المصبنة، و هرولتم نحو الكارثة، عدتم لسيرتكم الأولى و جاورتم محل حدادة و عانقتم الحداد، و أنتم اليوم تبصرون رماديي اللون، لما أصابكم من كير الحداد.
معظم مكاتبكم غير لائقة، معظم خطابكم كدب و خداع، معظم محاضركم مضحكة، تملؤون المقاهي بالنميمة و الغيبة و الفضول، لا عهد لمعظمكم، لا ثقة فيكم، معظمكم يحتقر الناس، بعضكم بارع في التزوير و “التنوعير”، تخيفون الضعفاء من الناس و ترعبونهم، تفرون و تبكون من صهل و صولة جبار عنيد، ذا مال و نفوذ. بعضكم قهر الشيطان بحيله، أحرق جرائد بمكتبه- دكانه-، وادعى احتراق المكتب، ليتخلص من ملفات حامت حولها الشبهات، وتقاضى عن أخرى ليعدمها من الوجود، و تخلص من سيل كتب رؤساء المحاكم حولها، مفلحا بهذه الحيلة المخلصة من المحاسبة، المعززة باليمين الغليظة و ذرف دموع التماسيح، في التغليط و التضليل، و بالمقاهي تسمع لقهقهاته من بعيد “قولبتهم”. من نصبتموه كبيركم، تعلمون أنه ضيع الجدع و الأغصان، لو سئل كل واحد منكم عن ملفاته منذ التحق يمارس، لكان أول الساقطين و لتبعه معظمكم، أما ذا اللحية الكثة فسيرته مكشوفة للإعلام لا تهمه المهنة بقدر ما يهمه التقرير اليومي و أما كاتبه الغير الطاهر، فهلا علم الناس بسر التحاقه بمكتبه و قد كان مؤرقا “للطلبة” بالمساجد، يتسلم منهم و يقرر حولهم. أما (شاف الكتاب) فقد ولج مزورا و انتهى عميدا للمزورين، يكلم ضحاياه و يلتقط حتى صورا معهم، يبرز الأحكام لهم، يطلع على هويتهم و يحضر حتى شهود الزمان و المكان، و ينهي حديثه بوعيد الحل، إخفاء الوثيقة للأبد، المقابل من هذا و ذاك، و تكفيه في الشهر عمليتان أو ثلاث بأكثر من راتب قاض أو مستشار، ولما تنفجر القنبلة ضاع التعرض، الاستئناف أو النقض، يتنكر (شاف الكتاب) لضحيته ويجابهه بأكثر من دليل، ليضحد صرخته من عمق جرح الزور- الحقيقة، المغلف بطلاء- المكيدة . أما “شاف” القوم و شرهم، فحدث عن سوء الخلق و لا حرج، “الكواري” في السماء و الأرض، في البر و البحر، من علم بالمصيبة التي حلت بالمفوضين القضائيين ما فتئ يقابلهم و يعاتبهم بالويل و العويل و قراءة اللطيف، مع التأكيد لهم بقرب الطوفان من مكاتبهم، فالطلعة عجلت به إن لم تكن سببا في الجود به و الكرم. و يا أيها المزورون و الغدارون و المرتشون و المتهورون، والمعذبون للمطلقات وأطفالهن… وقليلي الأدب في معاملة ومخاطبة الناس، الأولى لكم الانتقال أو الاستقالة من هول المتابعات و المحاكمات، فماضي أيامكم فضة، ومستقبلها رميم، فأعدوا حقائبكم للرحيل إلى الجحيم، يا ناقدي العهود وناكري الجميل، قبح الله سعيكم. لسان الشعب جمعت ما يكفي من عيوبكم كوقود لحرقكم، الأولى لكم الخرس، فقد وعدتكم بالحرب، وبالموثق من سوء أعمالكم، فهل يجرأ منكم شبه رجل على الرد، لنهبط معه إلى مصر محاضره، ونسطر بالأحمر على الركن المادي لجرائم الغدر بلا عد ولا تعداد، يا آكلي السحت في بطونكم.