محمد عصام//
إذا كانت القاعدة أن الأحكام تبنى على القناعة من خلال الوقائع وما يروج أمام القاضي بجلسة الحكم في القضايا الجنحية، فقد صار أغلب القضاة على الحكم وفق ما يروج أمام ضباط الشرطة القضائية، وتبقى جلسات الحكم مجرد فضاء لمسرحية شكلية..
الحال نفسه في نازلة للقاضي المدعو “عبد العزيز الغزالي” في قضية “سلوى الحسني” طليقة الطبيب “سعيد رمضاني” في ملف جنحي عدد: 2022/8083 بتاريخ 2023/3/8 . هذا الأخير انحاز إلى الطبيب على حساب العاملة لديه زوجته فطليقته فمتهمة من طرفه باختلاق حساب وهمي والتعليق عبره بالإساءة إليه مهنيا وسط زملائه..
اعتمد القاضي المعلوم في الإثبات بخصوص هذه النازلة التي شغلت الرأي العام المتتبع على شهادة عاملتين لدى الطبيب من خلال تصريحاتهما أمام الضابطة القضائية..
الانحياز باد في الحكم بالإدانة، لا من خلال اعتماد شهادة العاملتين لدى المشتكي، بالرغم من مبررات التجريح، وإنما من خلال اعتماد محضر الضابطة القضائية بشهادتهما. وكيف لم يدرك القاضي المعلوم ورود الضغط واستغلال ضعف العاملتين أمام مشغليهما والسلطة المعنوية الممارسة عليهما؟ وكيف لم يدرك استغلال الحاجة للعمل في ظل الواقع المرير لسوق الشغل في زمن “كورونا” وفي ظل حرب روسيا على أكرانيا، وما خلفت من تضخم وارتفاع في الأسعار، ولي دراع هاتين العاملتين وإجبارهما على الشهادة زورا لتوريط المشتكى بها العاملة لديه فالزوجة فالطليقة فالمتهمة..
الغريب أنه كان على القاضي المعلوم أن يدرك هذه المعادلة بحنكته المفترضة في الأقدمية، فقد عمر بالحكم ما يفوق 25 سنة بابتدائية الجديدة..
وإذا كانت الحنكة حاضرة، فالمحتمل القوي الذي غيبها في النازلة، هو الانحياز للطبيب على حساب عاملة لديه سابقا..
فإن لم يكن الأمر كذلك، فكيف غيب من الاعتبار محاضر الضابطة القضائية استنادا إلى تعليمات وكيل الملك بابتدائية الجديدة بكتابه عدد: 2022/3101/4372 بتاريخ 2022/8/11، المدلى بها والمثبتة ليقظة ضمير العاملتان لدى الطبيب الشاهدتان لصالحه، والتراجع عن أقوالهما في حق المتهمة العاملة إلى جانبهما لدى الطبيب، فالزوجة فيما بعد والطليقة لاحقا والمتهمة نهاية وتبرأتها مما نسب إليه..
وكيف لم يعتبر القاضي المعلوم ما يدل ويفيد البراءة، يغمد عينيه عن كل هذه القرائن القوية الدلالة ويسير عكس القاعدة القائلة: لَأن يخطأ القاضي في البراءة خير له من أن يخطأ في الإدانة..
نحن فعلا نعيش في العهد الذي بَشَّرَ به “عبد الرحمان المجدوب الفرجي”، فقد حل بدكالة “حُكْم الدْرَارِي” الذي تخوف منه وحذر منه. صار القاضي “عبد العزيز الغزالي” اليوم يتلاعب بالحقوق، صار دمية في يد ذوي المال والجاه والنفوذ، ابتعد عن القاعدة الملزمة له بالبث في القضايا وأعينه معصوبة لا تنظر في للأطراف، وأحواله صارت تبث في القضايا وأعينه مبصرة شاخصة في الأطراف، ينحني أمام صاحب المال والجاه والنفوذ..
الشأن نفسه في هذه النازلة، القاضي المعلوم، يبدو أنه قد انبطح أمام شيء ما شده للمشتكى به وأبعده عن المتهمة، وما يحوم حوله من احتمال المظلومية..
سؤال اليوم وبالخط العريض، وفي ظل استقلال السلطة القضائية، من يحمي المتقاضين الضعفاء من القضاة الظالمين؟
هذه مسؤولية المجلس الأعلى للسلطة القضائية، وعلى هذه السلطة أن تقدم البرهان للمواطنين على أنها تعمل لإنصافهم وتتركهم يعتقدون أن الوظيفة فقط حماية القضاة من شكاوي المتقاضين..