محمد عصام//
استحضرت “لسان الشعب” خلاصة حول الأحكام التي تصدر عن القضاة المعمرين بمحاكم الجديدة، وهي تطلع على نازلة نثـنـة للقاضية المسماة “بهيجة شفاري”، والتي هي موضوع شكاية تقدمت بها ضدها نقابة الصيادلة بإقليم الجديدة إلى الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية بالرباط من ثمان فقرات، تمتعض من القرار الجنحي الصادر بالملف رقم 2023/2602/133 بتاريخ: 2023/6/1 القاضي ببراءة صيدلانية ضدا على أدلة الإدانة القوية..
والمثير للاستغراب، اتهام القاضية المعلومة بالضلوع وراء اختفاء محجوزات وصور فوتوغرافية مأخوذة للمحجوزات وللمحل فضاء “Para pharmacie”، خصوصا وهذه المحجوزات بعدد 42 نوعا من المنتوجات وهي عبارة عن أدوية، واردة بمحضر رسمي منجز من طرف مفتشي وزارة الصحة، وأدرجت بمحاضر الدرك الملكي..
فإذا كان امتعاض النقابة المشتكية من القرار يبرره دفاعها عن القطاع وسعيها لخلق الانضباط داخله، فما هو دافع القاضية المعلومة إلى المعاكسة والحكم بالبراءة رغم الأدلة القاطعة؟ وهل سرقة المحجوزات والصور المكونة للأدلة سبب لتمرير هذا الحكم بالبراءة؟ فألا تكون هذه القضية بهذه الفعلة قد ارتكبت جريمة تستحق عليها المتابعة وعدم الإفلات من العقاب، إن تبث الجرم المتمثل في السرقة للوثائق من الملف والتدليس والانحياز والممالاة لأحد الأطراف في القضية؟ خصوصا وعلاقتها المشبوهة مع عدد من المحامين تطرح أكثر من علامة استفهام وتعجب، ومما يثير الشبهة هو حضورها الكبير في المحطات الاحتفالية للمحامين بهدف محاولات استمالتها واستغلالها في عدة قضايا. هذه الأخيرة كسرت مبدأ الابتعاد عن المحطات والأماكن المثيرة للشبهات.. ويبقى تفريغ المكالمات الهاتفية بينها وبين العديد من المحامين من جهة، ومن جهة أخرى بينها وبين المتهمة، هي الكفيلة وحدها للكشف عن فضائحها وفضائح من يدور في فلكها..
وعلاقة بالموضوع، يبقى الدارس للأحكام دراسة نقدية كفقيه متتبع لصيرورة الأحكام القضائية، ليكاد يقف على حقيقة مرة، وتتمثل في كون قضاة على رؤوس الأصابع بمحاكم المملكة، كلما مر عليهم الزمان زادهم المراس مع القضايا حنكة وكفاءة، فأصبحت أحكامهم بجمال حيثياتها المنسجم مع منطوقها جذابة للقراء المتخصصين والفقهاء المؤلفين والطلبة الباحثين..
وعلى العكس من ذلك، ثلة من القضاة وعلى رأسهم القاضية المومأ إليها أعلاه، اللذين كلما تقدموا في الزمان، كلما ازدادت أحكامهم ضعفا وهشاشة، يشمئز من نسقها القارئ العادي ويدرك البعد عن الحقيقة والصواب، فيصدر حكمه على المقعد برشوائيتها. أما المتخصصون فيصدمون للتناقضات داخل نفس الحكم، الوقائع في واد والحيثيات في واد آخر والمنطوق شارد.. لا انسجام يلمسه القارئ، وكأن النتيجة هي الغاية والهدف، والوقائع والحيثيات مجرد أرضية يفرضها شكل الأحكام، ولولا هذا الفرض الإلتزامي لصحة الحكم شكلا، لاِكْـتَفَى هؤلاء القضاة بالمناطق وكأنهم يوزعونها على السماسرة بسخاء لا اعتبار إلا لمن يقدمون الأكثر..
انتظر عزيزي القارئ فضائح الأحكام الصادرة عن الغرفة التي ترأسها القاضية المعلومة.. والخفي الأبشع هو متابعة الصيدلانية من طرف النيابة العامة في حالة سراح مقابل كفالة مالية قدرها 50.000 ألف درهم، لكن الهيئة الحاكمة منحتها البراءة لتكون بذلك أغرب حكم ببراءة يصدر عن محاكم الجديدة.. وللحديث بقية..