محمد عصام//
مازال قضاة يخطئون، لما يعتقدون أن السلطة التقديرية تقيهم وتحميهم، أمَا آن الأوان لإعمال القانون بشكل سليم.. فإمّا ذلك، وإما ترك القضاء لأهله، فقضايا الناس هي حقوق للفصل بالعدل، لا للعبث والهزل، قضاة مازال يطالهم الغرور بالسلطة، والتي لو قدَّروها لفرّوا بجلدهم إلى الفلاحة أو التجارة أو حتى الرعي لهول أمانة العدل..
يجري الحديث همسا بمحاكم الدائرة القضائية بـ “سطات، ومقاهي مدينة برشيد عن العبث في القرارات التي كان يتخذها وكيل الملك السابق بابتدائية برشيد المدعو “عبد السلام بوهوش”، قراراته في غير موضعها، والمتابعات الصادرة عنه في غير موضعها. وحفظ الشكايات لفائدة سلطة المال والجاه والنفوذ أمر عادي بالنسبة إليه وأتباعه.. يدري ذلك الدارس المتخصص، ويدريه حتى الفلاح والنادل بالمقهى..
مناسبة هذه المادة الإعلامية، القرار الذي اتخذه وكيل الملك المعلوم في حق أحد الخبراء المحلفين المسجلين بجدول الخبراء بـ”برشيد” المسمى “أحمد كمال قروي” مُخطئ في التقدير، إن لم نقل غير راغب فيه لأسباب يعلمها وحده وأطراف القضية..
الخبير المذكور، صرخ أنه ظلم بعدم الإنصاف بخصوص الشكاية التي تقدم بها خصمه المدعو “محمد الكزولي” قصد تمكينه من الواجب القوي المدعم بحجج، صرخ بالشكوى للوكيل العام للملك لدى محكمة النقض ورئيس النيابة “حسن الداكي” وللمجلس الأعلى للسلطة القضائية من خلال هذا المنبر، وطالب مؤازرته من قبل جمعيات حقوقية، للوقوف عن ظروف وملابسات هذا القرار الذي اعتبره مجحفا، ومن المنتظر أن يتقدم بشكاية إلى الوكيل باستئنافية سطات في مواجهة وكيل الملك المعلوم في إطار الانحياز والممالاة وفق المادة 254 من القانون الجنائي، التي تنص على إدانة القاضي من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات حبسا وغرامة مالية.. ولسان حاله يقول أن وكيل الملك المعلوم قرر قراره وهو معصوب العينين، لكي لا يرى الحقيقة نزولا عند رغبة محام من هيئة الدار البيضاء الذي هو طرف في القضية من جهة، ونزولا عند مبتغى القاضي الذي طلب الخبرة من جهة أخرى..
إنها سابقة من نوعها تطال هذا القطاع المعول عليه من طرف القضاة في الفصل بين الحق والباطل..
فكما هو معلوم في الوسط القضائي، أنه بفعل التطور السريع الذي تشهده الحياة البشرية، أصبح بث القضاء في العديد من القضايا متعذرا، إن لم نقل مستحيلا، رغم الميل الرسمي إلى الاعتماد على تكوين القضاء وفق التخصصات التي تفرضها القضايا بطبيعتها، فكان لابد من الاعتماد على الخبراء في الأمور الفنية التي يتعذر على القاضي إدراكها، وكَيَّــفَ القانون قول الخبير كقول الشهود في النوازل، قولا تقنيا وفنيا، يلزم القاضي فإن لم يكن قانونا فواقعا..
وهذا ما قام به الخبير “أحمد كمال قروي” في الأمور الفنية، والتي طلبت المحكمة رأيه فيها، على درجة من الخطورة في البث في القضايا، فكانت الدقة في التقارير بالطريقة التي تنيــر للقاضي الطريق لإدراك الحقيقة والبث دون تردد ولا ارتياب..
والوكيل المعلوم لم يتابع العديد من الخبراء الذين انحرفوا على الدقة والتدقيق، وركبوا طريق العبث، فأصبحت تقاريرهم مهزلة أحيانا، بتناقضاتها وتضارب سطورها، تربك القاضي وحتى الدفاع، يفرح للتناقض المستفيد منه ويتذمر للتناقض المتضرر منه، فيضيع الحق ويَسْوَدُّ وجه العدالة، بهذا النوع من العبث..
وكيل الملك المعلوم، تردد في متابعة عدة خبراء غير ما مَرَّ رغم اعتراء تقاريرهم التناقض والتضارب بين السطور، وجعل هذا التناقض اعتماد القاضي على سطر يدين، واعتماده على السطر الموالي يبرئ في القضية الجنائية، يحكم وفق الطلب بالاعتماد على السطر ويرفض الطلب بالاعتماد على السطر الموالي في القضية المدنية.
تقارير هؤلاء الخبراء المندسين في الميدان تجعل القاضي في نفس القضية يصدر حكمين متناقضين، بالتبعية لتناقض تقرير الخبير لو اعتمده، وهذه ليست مساعدة من الخبير للقاضي، وإنما تضليلا للعدالة وتضييعا للحقوق.
إن السكوت عن هذه التقارير العبثية، سيشجع على الاستمرار في الرداءة.. لطرف على حساب طرف آخر..
والحال كما ذكر، والخبير المسمى “أحمد كمال القروي” لا تربطه علاقة بفحوى تقارير هذه الثلة الفاسدة، بل مشهود له بالحنكة والحصافة والتبصر، والتقرير الذي أنجزه والذي هو موضوع متابعته مصادف للصواب. وهذا ما أدركه بعض المحامين وبعض رجال القضاء وبعض الخبراء من طينته..
وتعود وقائع هذه النازلة، إلى تقرير الخبير المومأ إليه، الذي أنجزه علاقة بالحكم التمهيدي الذي أصدرته المحكمة الابتدائية بالمحمدية بتاريخ 2020/12/14 القاضي بإجراء خبرة عقارية عينية على الرسم العقاري 89246/26 المتواجد بالملك المسمى “المغراوية” الكائن بالمحمدية، مساحته هكتارا و41آر و10سنتيار من أجل فرز نصيب كل من المدعو “محمد الكزولي” الذي بلغت مساحتة 64آر و01سنتيار بالجهة الغربية من العقار موضوع النزاع، و”أحمد المغراوي” ومن معه من الشياع لهم نصيب بلغت مساحته قدرها 62آر و47سنتيار بالجهة الشرقية وذلك على ضوء تصميم يبين لكل نصيبه..
وعلى غرار الخبرة الملحقة بالخبرة السابقة بأمر قضائي صادر بتاريخ 2021/07/26، في إطار مشروع القسمة العينية، والتي كان سببها المدعين الفرعيين الجدد (ورثة علي اليوسفي) الذين تقدموا بمقال مضاد، يطالبون من خلاله بنصيبهم الذي لا يتعدى مساحته 404 متر مربع..
وأمام زيادة كم الورثة، لم تبق هذه الأرض خاضعة للقسمة وغير قابلة للفرز العيني، الأمر الذي حَــدَا بالخبير المذكور إلى اقتراح البيع بالمزاد العلني من خلال تقريره الذي يعد اجتهادا يستحق الإشادة والتنويه، وليس جريمة تستدعي المتابعة من أجل تقديم تقرير خبرة يتضمن وقائع مخالفة للحقيقة طبقا للفصول 372 و375 من القانون الجنائي..
لطالما اهتمت “لسان الشعب” بقضايا المحاكم بالمملكة، للاعتقاد بأنها وحدها المحتضنة للشاذ عن الجودة والحياد، لكن ما أن اطلعت على ثلة من القضايا بالنيابة العامة بابتدائية برشيد في زمن وكيل الملك السابق، حتى كاد يغمى عليها، فتذكرت القولة الشهيرة”عم الفساد في البر والبحر”.
وتدعو”لسان الشعب” الرأي العام ورجال القانون ومن هم بموقع المسؤولية والمحاسبة، إلى مرافقتها بجولتها هذه بحديقة الفضائح الكبيرة والكثيرة إبان الرأس الرئيسي للنيابة العامة بابتدائية برشيد المدعو “عبد السلام بوهوش”..
وأبدا، ما تبنت ” لسان الشعب ” قضية بالمعالجة والتحذير، إلا ويصدق حدسها وتوجسها، هي الحنكة والمراس في فهم شطرنج اتخاذ القرارات والبث في القضايا.
حصل ما كان غير متوقعا يوم الأربعاء الماضي في الغرفة رقم 2 (هيئة الجنحي العادي)، التي يرأسها الأستاذ/ عبد الواحد الغضبان المعروف بالصرامة والنزاهة، و”لسان الشعب” حاضرة في الغرفة المذكورة في شخص مديرها المسؤول ورئيس التحرير “محمد عصام”، أبهرتها أدبيات وأخلاقيات تسيير الجلسة من جهة، ومن جهة أخرى أصيبت بالدهشة والذهول لما استجاب الرئيس لتأخير الجلسة للتأمل في الدفع الشكلي الذي تقدم به دفاع الخبير، الأستاذ/ مصطفى بن سلطانة الرامي إلى تفعيل الفصل 259 من ق م ج، مفاده أن الواقعة وقعت في مدينة المحمدية ولا مكان لها للبث في محكمة برشيد، وبعد تلاوة الفصل حرفيا على الرئيس، استوعب فحواه، فأعطى الكلمة لممثل الحق العام الأستاذة (…….) التي لم تسند النظر للهيئة الحاكمة، بل تضامنت مع قرار النيابة التي هي وحدة لا تتجزأ، فرفضت ذلك وهي جالسة في الوقت الذي كان عليها أن ترافع وهي واقفة باعتبارها قضاء واقفا.. فقرر الرئيس تأجيل القضية للتأمل للنطق بالاختصاص أو بعدم الاختصاص..
ونعد القارئ العزيز بمناقشة هذا الملف وغاية أطرافه، مقارنة مع الحجج والدلائل التي يتوفر عليها الخبير من جهة، ومن جهة أخرى نشر غسيل الوكيل المعلوم على سطوح الإعلام، مع جرد بعض ممتلكاته التي توصلت بها “لسان الشعب”..