محمد عصام//
إن كلامنا يرى أن القانون وفروعه أضحى مطبقا في كل شريانات الحياة، معلنا عن انتهاء زمن السيبة وقانون الغاب، ولكن يأبى الواقع إلا أن يخرج من رحمه شذوذا عن هذه القاعدة، شذوذ ما كان ليولد لولا تخصيبه بماء الطمع والرغبة في الإثراء على رقاب العباد وحقوقهم، وباستغلال المناصب والكراسي للي الملفات وتحوير الحقائق، ومن تم التلاعب بالمصائر..
وها هو رمز زمن السيبة وقانون الغاب، يجسد الاستثناء بشكل قرّبه من القاعدة المؤصلة، فاستحق بذلك وصف الاستثناء قاعدة، ولعله بدل جهده الجهيد لبلوغ غايته، سيما وأن الوسائل متاحة والمطية أكثر إتاحة، فراح عامل إقليم سيدي بنور ومن معه من منتخبين ومقاولين ومستثمرين وغيرهم، والذين هم موضوع هذه المادة الإعلامية الدسمة، يتنقلون بين هدر المال العام ونهبه، وجعْلِه في حسابهم الخاص بواسطة السلطة والنفوذ والمناصب المسندة إليهم..
وفي رحلات تسلقية ووصولية لرمز زمن السيبة وقانون الغاب ومن معه، شملت أراضي الضم الذي عمل عامل الإقليم على تمريرها إلى شخصيات نافذة بالمنطقة، ضدا على ما ينص عليه الظهير الشريف الصادر بتاريخ 25 يوليوز 1969، والذي سنعود إليه لاحقا بالدرس والتحليل لتبيان فضائحهم ونشر غسيلهم على سطوح الإعلام النزيه (لسان الشعب). هذه الفضائح وباء خطير على المجتمع، والتي كم حطمت من أمم، وجعلتها تتخبط في التخلف.. ولو كان الخليفة الراشد الثاني عمر، بين ظهرانينا لضرب أعناقهم وأعدمهم عن آخرهم، لارتكابهم جرائم نكراء لا تغتفر وتأزم وضع البلاد والعباد..
وعلاقة بالموضوع، علمت “لسان الشعب” أن رئيس قسم التعمير بعمالة إقليم سيدي بنور اقتنى في اسم زوجته أرضا سقوية على الشياع بدوار أولاد موسى العمامرة وشيد فوقها فيلا فاخرة وحفر بئر قبل أن يعمل على تحصينها بسور عال. وبعد رفع تقرير حول هذه الفيلا من قبل الجهة المعنية، ولما وصله إلى مكتبه باعتباره الآمر والناهي بقسم التعمير بعمالة الإقليم، كان رده قاسيا في وجه المتورطين الكبار حسب مصادر متطابقة التي أفادت، أن هذا الأخير هدد كافة المسؤولين وعلى رأسهم المسؤول الأول عن الإقليم بفضح المسكوت عنه الذي يستدعي الزج بهم في غياهب السجون على ذمة النهب البين الذي طال المنطقة..
وأمام هذا التهديد والوعيد الصادر في حق مسؤولي ومنتخبي الإقليم والذي يستند على حجج دامغة تفيد تورطهم، قرر عامل الإقليم إرجاعه إلى جماعة مولاي عبدالله من حيث أتى إلى عمالة سيدي بنور، إلى جانب موظف آخر تم إبعاده إلى جماعة أولاد بوساكن، لعلمه بما يجري ويدور من فساد مستشري بقسم التعمير بالعمالة..
وأوضحت المصادر ذاتها، أن إبعاد هذان الموظفان عن عمالة إقليم سيدي بنور كان لغاية في نفس عامل الإقليم، لكونه المهدد الأول من جهة، ومشرف على التقاعد من جهة أخرى، ويعيش مرحلة تصريف الأعمال، وهدفه طمس معالم الجرائم المزمع ظهورها فور مغادرته الوظيفة والتي تفرض المحاسبة والعقاب..
وفي السياق ذاته، توصلت “لسان الشعب” بنبأ يفيد أن عامل الإقليم أصبح شغله الشاغل في الآونة الأخيرة، هو تمرير صفقة مربحة إلى أحد أصدقائه (برلماني سابق) ليقتسم معه الكعكة فور مغادرته لوظيفته، وتتعلق هذه الصفقة بأرض السوق الأسبوعي الذي يريد إبعاده إلى منطقة أخرى.. والغاية معلومة..
وفي موضوع ذي صلة، وحسب مصادر وثيقة الإطلاع، أن موظفا يعمل بمركز الاستثمار الفلاحي بسيدي بنور يدعى “حتيم”، فوتت له الإدارة فيلا تبلغ مساحتها 1200متر مربع بمصادقة الجميع، وبعدما قام بإصلاحها وترميمها بمبلغ مهم اقترضه من البنك، فاجأه باشا المدينة بإيعاز من مافيا العقار، أن الدولة تريد إرجاع هذه الفيلا وتعوض له ما أنفقه بخصوصها.. والغاية معلومة أيضا..
إنها مافيا العقار تتوفر فيها كل المعايير والمقاييس وأركان الجريمة، والغريب في الأمر، أنها تمارس نشاطها بكل أريحية والسلطات المركزية في سبات عميق.. وعليه تعد “لسان الشعب” قراءها الأعزاء على أنها ستكشف لاحقا عن سر تورط لصوص المال العام من المنتخبين والمسؤولين الإقليميين والمقاولين والمستثمرين ومواليهم من الحاكمين النافدين الذين توحدت مصالحهم وتوحد عدوهم وتوحد هدفهم، كلهم عبدوا المال، وقالوا: هذا ربي الأكبر، وأطاحوا بالقيم، فلم يعد للحياء ولا للكرامة ولا للشهامة ولا للرجولة ولا لهذا حلال وهذا حرام بمنظور الإسلام يذكر..ولنا عودة إلى الموضوع لاحقا من أجل سرد تفاصيل ما سلف ذكره..