محمد عصام//
شهد التاريخ على تنصيب الرجلين، الأول الأستاذ/ “أحمد نهيد” رئيسا أولا لاستئنافية الجديدة، والثاني الأستاذ/ “عبد السلام أعدجو” وكيلا عاما للملك بذات المحكمة..
ومعلوم أن محطات التنصيب بالمحاكم تختلف من محكمة لأخرى، فبعض المحاكم تُخلِّد الاستمرارية بين المراحل، وأخرى تحيي القطيعة مع ممارسات وتدشن لانطلاق ممارسات أخرى. المواطن المغربي ذكي بفطرته يدرك بكل محكمة بين المحطة والمحطة حصول الاستمرارية أو القطيعة واختلاق الجديد. المواطن المغربي ما عادت تنطلي عليه المجاملات، بل أصبح يستشرف المستقبل في اتجاه الاستمرارية والتكرار أو القطيعة والتجديد، منذ طَلْعَة التنصيب وربما قبل ذلك..
وإنها لحق والحق أجدر بأن يقال، ومناسبةالتنصيب فرضت هذا القول:
إن الدكتور/ “أحمد نهيد” مرحب به من طرف ساكنة إقليم الجديدة، ولا أبالغ بالقول أن البسطاء فرحون بقدومه أكثر من الأعيان، فقد عرف عنه حسن الاستماع وجرأة القرار وبراعة الاجتهاد، مُدَلل للصعاب، حتى ليكاد قدوم هذا الرجل لإقليم الجديدة أن يكون بالأمر العادي جدا، كَمَنْ غاب عن أهل قبيلته ردحا من الزمن وعاد بشوقه إليهم يقابله اشتياقهم له.
وبخصوص الوكيل العام للملك الجديد الأستاذ/ “عبد السلام أعدجو”، فقد سبقت قدومه لعاصمة دكالة بعض خصاله، كالحكمة والرزانة ومعايشة المساطر والقرارات وحسن الاستماع وعدم التسرع في اتخاذ المواقف، وهي الخصال نفسها التي تميز بها خلفه الأستاذ/ “سعيد الزييوتي” الذي لم تنطل عليه سموم بعض الأيادي الملوثة بالفساد. ترك بصمته التي تميزه على رأس النيابة العامة بالجديدة، سيأتي الوقت المناسب لتناول جملة المناقب، ولن تكون بالمناسبة إلا سَجَّادة للسير عليها والزيادة في طولها وعرضها. وهذا استشراف إعلامي مستقبلي لهذا الرجل القادم للجلوس على الكرسي المسماري..
جناب السيد الرئيس الأول، جناب السيد الوكيل العام للملك، “لسان الشعب” في شخص مديرها “محمد عصام” تخاطبكما بصدق وتقسم بالشفقة عليكما. فالمسؤولية الجسيمة التي تنتظركما هي أمانة تطهير محاكم الدائرة من الرشوة أولا، والعمل على تجويد الأحكام ثانيا، وتجويد القرارات بالنسبة للنيابة العامة، فالسلطة التقديرية بالنسبة للقاضي وسلطة الملاءمة بالنسبة لممثل الحق العام، لا يليق اللعب بها والتلاعب بها حسب الهوى.
فلقد ضيعت محاكم الجديدة التميز والطليعة في الاجتهاد، وتتوق للعودة إلى هذا المربع، وأظنها الفرصة سانحة بوجودكما على رأس الدائرة القضائية بالجديدة، و”لسان الشعب” لتكاد تلمس بقوة فيكما القدرة والكفاءة للنهوض بهده الرسالة..
وإنها لمناسبة للتنبيه إلى تَوَقِّي الحذر من بعض السلوكات المقيتة لبعض الأعيان السياسيين منهم خاصة ورموز بعض المهن القضائية. هؤلاء دأبوا على ضرب الأخماس في الأسداس منذ الوهلة الأولى لقدوم المسؤول لاستمالته ورهن سلطته وقراراته بضمان “الصحبة” والتي تتنافى والمسؤولية، حتى لا يكاد يمر على التنصيب إلا أياما فيصير المسؤول الجديد متداولا بين الأسر والأصدقاء والعامة والخاصة من قبل هاته الثلة “عَبَدَةُ المصالح” بأن المسؤول الفلاني “ْدْيَالْنَا”. فهل سيستطيع هذان المسؤولان قلب المعادلة في هذه المرحلة من التاريخ بجعل أنفسهما “دْيَال” المواطن البسيط المظلوم و”دْيَال” جلالة الملك والقانون اللذان تصدر الأحكام باسمهما..