محمد عصام//
في ظل قانون الأحوال الشخصية السابق، كانت القاعدة في النزاعات الأسرية أن يطرد الزوج زوجته من بيت الزوجية، أما في ظل مدونة الأسرة الجديدة، فقد انقلبت هذه القاعدة حيث أصبح الزوج هو المطرود وأصبحت الزوجة هي الطاردة.
شهدت مدينة اسفي قضية غريبة أثارت الرأي العام وأصبحت مثالا يضرب به في الندوات واللقاءات الثقافية التي تم تنظيمها لتدارس قانون مدونة الأسرة.
فقد عرف بيت الأسرة المكون من (خليد ع) زوجا و )مريم ت) زوجة وابنيهما نزاعا جعل قانون مدونة الأسرة يلزم النيابة العامة بالنظر في ملف يعتبر من الملفات المثيرة، و المتجلي في طرد الزوج من بيت الزوجية والذي هو موضوع الشكاية التي رفعها الزوج إلى وكيل الملك لدى ابتدائية اسفي، وسنده في ذلك المادة 53 التي جاء بها: “إذا قام أحد الزوجين بإخراج الآخر من بيت الزوجية دون مبرر تدخلت النيابة العامة من أجل إرجاع المطرود إلى بيت الزوجية حالا مع اتخاذ الإجراءات الكفيلة بأمنه وحمايته.”
وتعود وقائع النازلة الغريبة عندما هددت الزوجة بقتل نفسها وإلحاق أدى بزوجها بواسطة سكين واضطرته إلى مغادرة بيت الزوجية رغم أنفه، حسب الشكاية المرفوعة في مواجهتها لدى النيابة العامة.
إذا كانت الزوجة قد لجأت بعد ذلك إلى مسطرة إيقاف البث في الملتمس الذي تقدم به الزوج إلى رئيس المحكمة الابتدائية باسفي الرامي إلى إرجاع الزوجة إلى بيت الزوجية بعد رجوع هذا الأخير بصفة قانونية عن طريق البوليس بناء على الشكاية التي تقدم بها إلى وكيل الملك حيث فوجئ بمغادرتها سلفا لبيت الزوجية، الأمر الذي دعاها إلى تنصيب محام للرد على الملتمس بواسطة مذكرة تعقيبية تبين من خلالها أوجه دفاعه، مفيدا أن موكلته تقدمت بدعوى من أجل التطليق للشقاق بعدما استحالت العشرة الزوجية بين الطرفين كما أشارت المذكرة نفسها إلى أن الاجتهاد القضائي مستقر على وجوب إيقاف النظر في دعوى الرجوع إلى بيت الزوجية إذا كانت مسطرة التطليق جارية.
وإذا كان هدف المشرع من مدونة الأسرة هو إعطاء الزوجين حظوظا وحقوقا وافرة مساواة بينهما، إن لم نقل حقنه بنكهة خاصة، جعلت كلاهما يتحمل المسؤولية الملقاة على عاتقه، وإذا كان واستطاع أيضا أن يأتي بجديد في هذا المجال ويفرضه على أرض الواقع بقوة القانون، خلافا لسابقه قانون الأحوال الشخصية والتي خضعت معظم بنودها للتعديل وبعضها للإلغاء، فإنه أقحم النيابة العامة في عالم الأسرة، بعدما كان دورها محدود. فأصبحت تدخل البيوت لتعيد التوازن إلى الأسرة. فما وسيلتها إذنن وقد أصبحت طرفا أصليا حسب نص المادة الثالثة من المدونة:” تعتبر النيابة العامة طرفا أصليا في جميع القضايا الرامية إلى تطبيق أحكام هذه المدونة.” هذا ما آثار انتباه ذوي الاختصاص. بمنح النيابة العامة مهمة ليست من اختصاصها، فعملية الإرجاع قصرا دون فصل القضاء في جوهر الحق اعتداء على اختصاص الغير(القاضي)؟.