بقلم:محمد عصام//
عاش شهيدا قرب صفاء الرسالة، وكان ضمن من هبوا لنصرة الإيمان وقتال الكفر، فاستشهد ونام تحت التراب ردحا من الزمان.. وقد ظل حيا لم يمت، أيقظته حسرات وزفرات وأنين وبكاء وعويل المظلومين، المقهورين المهضومة حقوقهم والمداسة كرامتهم، وأيقظته دقات أقدام الظالمين وأصوات بنادق حراسهم ومنفذي أوامرهم التي تدك الحق دكا وتكسر عظام رافضي الاستدلال ومقاومي الجبروت بالمخافر والمقابر السرية كسرا كسرا.
على درب هذا المنهج، تسلل إلى النفوس الانحراف فصار صوابا، وتسلل إلى النفوس الخنوع فصار محمودا، فصرت لا تدخل بابا لتقضي حاجة إلا وترى وجوها شبيهة بالأموات غاب عنها الحياء، تشخص أعينها في عينيك تستجدي العطاء، وتحرك جسدها ترقص لتدفع ولو بصقت مع العطاء في الأوجه لحسبته قطرات مطر ودعت بالمزيد ورفعت الأكف لتستقبل الغضب..
وعن نفسي أتكلم بصغة الغائب.. الشهيد خرج، استعاد سيفه ودرعه وفرسه، وطاف يستطلع أحوال الأمة، وهو بدون مال وأوراق تعريف، دخل كل الإدارات، كل الوزارات يريد إثبات النسب للحصول على هوية، فهل يجد حيا يخاطبه، فكلما دخل يموت الجميع، وكلما خرج ينهض الجميع.. وحتى بالمساجد والشوارع العامة، حيثما مر يموت من حوله ولا ينهضون إلا بعد انصرافه..
لم يجد الشهيد العائد تفسيرا لما يحدث؟ فسار نحو المساجد يكلم إماما، وهو قادم نحوه خر مغميا عليه، ومات من بالمسجد، إلا فئة تلوح على محياهم آثار السجود، عرفوه وعانقوه وعاتبوه على طول الغياب والتأخر
في الظهور و تفقد أحوال الأمة حتى ساء بها الحال، فأصبح الكل أمواتا إلا فاقدي الحيلة لإنقاذها من الهلاك، تتربص بإيمانها هنا وهناك كي لا يضيع منها فتموت فتصير إلى النار.. سألهم عن ما حل بالأمة ؟ فأجابوه، بتوالي سنين التضليل والتجهيل والتقتيل والتعذيب ..لم يبق بالأمة إلا نوعا خاصا، خطط ليبقى وخطط لينقرض الآخرون، فمات كل ذا ضمير، وبقي فقط موتي الضمير إلا من رحم ربك وهم قلة هاربة، مختبئة بدينها كي لا يضيع منها..
وتساءل الشهيد، من قتل الأمة؟ من المسؤول عن موت ضمير الأمة؟ وأشهر سيفه يطلبه..