محمد عصام//
من تحمل مسؤولية التصدي للأوبئة الفتاكة المتنقلة ردحا من الزمن، كميناجيت والتسممات والبريميات وغيرها، قبل ظهور الوباء الخطير كوفيد 19 الذي حمل المسؤولية للشعب المغربي قاطبة؟؟؟
إن الإجابة عن هذا السؤال، قد يترأى في البداية على ان الخوض فيه مسألة سهلة، إلا أن حقيقة الأمر في التركيز على الإجابة وتحديد المسؤوليات، يأخذ من الصعوبة حظا وافرا، ويتطلب إجابة متسلسلة، لأن الإجابة في الوقت الراهن تداخلت فيه جهاز النيابة العامة والشرطة والدرك والوقاية المدنية وغيرها.. كل هذه الاجهزة كانت أقسام الأوبئة بمستشفيات المملكة في غنى عنها، إذ كانت ولازالت مستقلة ولها اختصاصات ثابتة تكرس واقع محاربة الفيروسات اينما حلت وارتحلت في المدن، في القرى، في الأرياف، وفي المداشر…بل كانت هذه الأقسام دعامة أساسية للتصدي للأمراض المتنقلة بين الساكنة..
وإذا كانت الأقسام المذكورة غير متداول اسمها بين المواطن، كالأقسام الطبية الأخرى،(قسم المستعجلات والانعاش والولادة وغيرها)، فإن أسماء الدكاترة الساهرين على أقسام الأوبئة تتجاذبها أطراف الحديث صباح مساء من حيث المسؤولية الملقاة على عاتقهم والتضحية بحياتهم..
من منا في إقليم الجديدة ينكر أو لا يتذكر، أنه فور ان طفا على السطح العالمي وباء “كورونا”، وقبل ظهور اية حالة بالمدينة. ظهرت حالة مشكوك في إصابتها بالوباء المشؤوم، وتركوها أطباء المستشفى االإقليمي بالجديدة حبيسة إحدى الغرف، وبقوا في منآى عن اتخاذ أي إجراء طبي لمدة فاقت 15ساعة، ولما وصل هذا الخبر الى علم الدكتور “ابراهيم عروش” المكلف بقسم مراقبة الأوبئة، هرع إلى المستشفى الإقليمي، وترك الأطباء الذين يشتغلون به في واد، وسبح في واد التضحية بالحياة من أجل ضمان حياة الآخرين، وشرع في فحص المريض المشكوك في امره، قبل ان يأخذ عينة من أجل التأكد من فيروس “كورنا” من عدمه، فكان الدكتور “عروش” في تلك اللحظة بالنسبة لأطباء الجديدة بمثابة جندي الصفوف الأمامية مسلح بقسم ابقراط.. وهو الموضوع الذي اسال مداد اقلام المواقع الإلكترونية المحلية في إبانه..
ولم تكن التضحيات الجسيمة والكفاءات المهنية المعروف بها الدكتور “عروش” وليدة زمن “كورونا”،بل أبان عن ذلك إبان شروعه في العمل بالمستشفيات والمراكز الصحية بالمدن والقرى والأرياف والمداشر، قبل أن يتم إحتوائه من طرف الوزارة الوصية على القطاع وضخه ضمن أطر مديرية المستشفيات والعلاجات المتنقلة بوزارة الصحة بالرباط.. حدث هذا، لما كان الدكتور “ابراهيم عروش” يشتغل بإحدى المراكز الصحية بمدينة الصويرة، وأثناء زيارة إحدى المنظمات الدولية في عهد وزير الصحة آنذاك المرحوم “التهامي الخيار” للمركز الصحي حيث كان يشتغل الدكتور المذكور، فوقفوا جميعا على اجتهادات طبية علمية في مجال مراقبة الأوبئة، لصيقة بسبورات معلقة على حيطان مكتبه بالمركز المشار اليه، هذه الاجتهادات ابهرت الأنظار، إذ لم يسبق أن رأتها عين او سمعت بها أذن او فكرت فيها أذهان، فكانت سببا لنقله من المركز الصحي بالصويرة الى المديرية بالرباط رفقة اجتهاداته التي كانت مشروعا علميا قل نظيره في مجال التدابير الوقائية من عدوى الامراض المتنقلة، وبذلك كانت إضافة جديدة على الوزارة الوصية..قبل ان يحط الرجال بمدينة الجديدة على رأس قسم محاربة ومراقبة الأوبئة، ويكتب اسمه بمداد من فخر داخل الأوساط الجديدية، ولا ينكر هذا إلا جاحد..
إن النضال المهني للدكتور “عروش” المتمسك بالحقوق، والمحافظة على ثوابت البلاد، التي حملها وآمن بها وعمل في ظلها، ونادى بأفكارها، وبشر بها من خلال التضحيات المسترسلة، التي يقدم عليها كلما ظهر وباء متنقل وفتاك.. ولعل تدخلاته السابقة بخصوص حالات “ميناجيت” والبريمات التي ظهرت ب”مهيولة” إقليم الجديدة في الأعوام الأخيرة، لنموذجا صارخا لتضحيات ماضيه وحاضره،المنسحمان مع مرامي عاهل البلاد من جهة، ومن جهة أخرى حفاظا على مواقفه وخصاله النبيلة التي بقي رافعا بواسطتها شعار”كن او لا اكن”، وحاملا لواء التضحية بحياته من اجل ضمان حياة الآخرين..