محمد عصام//
–هل كان الفقر يوما ،عيبا؟
–وهل كان الضعف يوما عيبا؟
–وهل كان قول المعروف والنهي عن المنكر يوما أيضا عيبا؟
لم يكن الغنى ولا القوة يوما شرطا للرجولة.. وكان قول المعروف والنهي عن المنكر أيضا من سمات المؤمن القوي، الذي لا يخشى في قول الحق لومة لائم، ولا يثنيه عن نصرته قمع ولا ترهيب، ولا حتى عقاب…
هذا دربنا بالقلم، فبأي رقعة من الأرض سيصلنا والخبز معه، وسنقض مضاجع المناقفين واللصوص..
مهلا، فما مضى، كان أمرا من ما حضر وقدر قضي فكان، وكيفما تدين تدان.. وأعلم أن الرجال نوع:
نوع يملك الكرامة والشهامة ولكن جند له الفقر عدوا يحاربه به اكتفى وانشغل بدفع شره أيامه ولياليه..
ونوع يملك الكرامة ولم يفلح الفقر في فرض سلطانة عليه، فقاوم الأشرار والارذال، فتحالفوا عليه و عذبوه وشردوه وحبسوه واختطفوه ونفوه وقتلوه..
ونوع فاقد للرجولة والكرامة، همه العيش كالدواب منهم الفقير الذي يسعر خده للناس، ومنهم دون ذلك، وحيثما كان الغنى فهم سائرون نحوه، وأخذ منهم همُّ الوصول كل جهدهم وساعات حياتهم ليلها ونهارها..
هذا النوع أصبح القاعدة، الفئة الغالبة، إنهم الأرذال تاهوا وسط الرذيلة، لا يستحيون، لذا تجدهم يفعلون ما يشاؤون، يتسابقون في كل اتجاه وبكل المناسبات للظهور بمظهر الكبار وهم صغار، لا يتركون فرصة تمر أمامهم دون أن يركبوها لهدفهم الحقير.. تراهم في ساحة السياسة مندسون، وفي ساحة الرياضة بارزون، وفي ساحة الأعمال ينصبون ويسرقون.. محياهم تشابكت به الألوان، ولم تعد تستقر لهم على لون، الصفرة تعلو الابتسامة والسواد مخيم على الهامة، والقلب ينبض بالخبث، والأيادي تبطش بالسوء، واللسان يوزع النفاق ويزرع الشقاق.. كالشياطين يوسوسون وللكبار يتملقون ولنسائهم يتقربون ويثنون ويثنون ويثنون، حتى يصيروا لهن عابدين ومقدسين،فتقضى بأوامرهن لأزواجهن حاجاتهم وحاجات مواليهم وفق ما يريدون ويرغبون، وعلى هذا الحال يصبرون ويثابرون، وما هي إلا أيام تمر حتى ينهضو بثروة حرام، فتراهم يتسارعون في البنيان، ومن ورائهم أسرهم منسية بانشغالاتهم، تشبعت بدينهم وتأثرت بدرب سلوكهم، ينخرها الانحراف، ولم تجد رادعا للنفس الشرهة من خلق تربى فيها، وساد الدم واللحم والعظام، فتراهم تتمنى رحيلهم لتنعم بما جمعوا وكدسوا من حلال وحرام..
الكاره لهذه الحثالة من البشر.. الكاره لهذا التيار:
منهم المتذمر الصامت وإذا مروا أمامه بدورهم يبادلهم الابتسامة ويتبعها عبر شاشة عينه باللعنات ومتمنيات الكوارث في الدنيا والآخرة..
ومنهم ايضا المتدمر البارز، وإن كان يحادثهم ويجالسهم ويبلدلهم التحايا فهو ناطق معبر بعدم رضاه على دربهم، ولكن في حلة خلق الناصح الداعي إلى العودة إلى الصواب من قبيل “هاد الشي ليكديرو مامزيانش لعنو الشيطان شحال بني آدم غدي اعيش كاع تقوا الله راه الشياطين لي معروفة بهاد لفعايل…ومنهم المتدمر المحارب…
التياران بكل أنواع الرجال، حربهم في الخفاء وصامتة بقرارات النفوس وبنظرات الأعبن وبالهمسات والسكنات والحركات والكلمات…
الصراع بنوعيه الصامت والناطق الجامد والمتحرك لا محالة مستمر. وتجد التعبير عنه في كل المجالات وفي كل قطاعات وفي كل الساحات… كل منهما يؤسس لفرض ثقافته وسلوكه ورؤيته على المجتمع..
وقد غيب المنطق وكبلت الديمقراطية وسخر القانون والمال والسلطان في المعركة، بالطبع سيكون مهاجم وسيكون مقاوم…