محمد عصام//
للجوع تاريخ أسود مع بني البشر، وظفه إبليس اللعين ضدهم شر توظيف، به أخرج جدهم وجدتهم من الجنة، ولاحق الأبناء الواحد تلو الأخر بمعول الجوع، وما يزال يستخدمه إلى يومنا هذا ضدهم..
وقد فطن الأنبياء والأولياء والعلماء وهتفوا في البشر ردحا من الزمن، وما اهتدى إلا القليل، تراهم على وجه الأرض هائمين جياعا يسعون تائهين إلا القليل، وتراهم يمدون أعناقهم إلى السماء والفضاء وباقي الكواكب غير الأرض. ـ مأواهم المحدد- يردون شيئا مجهولا يدفعهم إليهم الإحساس بالجوع.
وهل شبع البشر على مر العصور وهم يتصارعون مع الجوع؟
هل أدركوا أن الجوع لا يقهر بأسلحتهم؟
وهل عرفوا أن السلاح الذي استعمله ودعا إليه الأنبياء العلماء هو الأنجع؟
وهل تراهم هداهم راجعون، أم مصرون على الخطيئة حتى تهوي بهم جهنم الدنيا والآخرة؟
جوع البطن يا عالم، قد تكفيك فيه كسرة خبز ويذهب، وباقي الأنواع من الجوع، فكيف السبيل إلى إشباعها؟
جوع الفكر، جوع الروح، جوع العقل، جوع الضمير، جوع النفس، جوع الأخلاق، جوع الإخوة، جوع الحنان، جوع المحبة، جوع التضامن، جوع الإيثار، جوع العدل، جوع الحق، جوع الحكم، جوع السلطة… المئات من الأنواع..
ليس الأنبياء والأولياء والعلماء ببلهاء لما دعوا إلى تهذيب النفس على الدوام بالضوء والزهد في الحياة، سعيا إلى الحفاظ على نقاء الروح، القبس الإلهي الآتي من السماء، وقد أودعه الله جسدا تراب مليء بالشهوات المادية والأنواع المتنوعة من الجوع التي لم تشبعها ولو أفنيت العمر القصير تسعى، ما لم تزهد فتطفئ جشعها وتهنئ وتعيش الهناء والراحة، الصفاة والطهارة والغنى في الفكر والعقل والروح والإيثار الحق والعدل والحكم والسلطة والأخلاق والأخوة والحنان والمحبة والتضامن وهلماجرا…
هذه قصة قصيرة عبرSMS إلى الجياع، الذين أصادفهم في طريقي كل يوم وفي كل مكان، وبكل الإدارات حتى قصور العدل، الله يرزق السلامة.. وتسقط الطائرة في الحديقة كالعادة، مالي حيلة فقد اكتويت بظلم العدل وأدركت مرارته..
مساكين…مساكين…مساكين…مساكين؟؟؟
استهوتهم الكراسي واتوها جائعين.. يأتيهم مسكين فيجدهم أجوع إلى الغنى والثراء الفاحش، فيلتهمونه…
القيمين على العدل، عادة عندما تأتي إليهم يجب أن تطمئن، فإذا كنت ظالما، فتفكر بقضائهم عن ذنبك و ترضاه لأنك أذنبت… وإذا كنت مظلوما، فتشفي غليلك بقضائهم لأنه أنصفك ورفع عنك الحقارة ومرارتها لحظة نزول الظلم فترضى لأنك مظلوم..
والحال مع المساكين الجياع، إذا نزلت في حضرتهم ظالما أو مظلوما، فأنت مثل الفريسة مع… الجائع، عليك أن تحذر، تسدل ستائر جيدا، على جيوبك بثيابك، ولا تترك ذهب امرأتك بعنقها وتأتي بها معك… فحذاري… فلا أمان في ديار الأمان..
فهل فكرت دار العدل، في شيء لزهد روادها فتهذب نفوسهم وأرواحهم وشيمهم، حتى يعودوا قبلة حلوى للظالم والمظلوم…؟