فضاء “ماكلتي” هل هي مبادرة تنموية ام اعتداء على حرمة تراث إنساني عالمي

لسان الشعب//

من المؤكد أن السلطات الساهرة على تدبير الشأن المحلي قد ابانت بشكل فاضح عن افتقارها لأي رؤية تدبيرية او تنموية لهذه المدينة تستطيع من خلالها أن تضع المواطن وفق الارادة الملكية الصادقة في قلب التنمية.
ولعل ضعف هذه الرؤية التنموية ابتدأ مشواره بشكل متسلسل ببناء ما أصبح يسمى بحائط العار على طول شاطئ المدينة مع ما واكب ذلك من استنكار لفعاليات حقوقية وهيئات المجتمع المدني.
وبعد تدشين مشروع الحلزون الذي واكبته حملة هرج ومرج وتطبيل من طرف ابواق “قولوا العام زين” هانحن اليوم وبعد مخاض عسير أمام ميلاد مشروع آخر لاصحاب النقانق اطلق عليه إسم “فضاء ماكلتي” وهو عبارة عن تجربة تم تدشينها بمنطقة البرنوصي بالدارالبيضاء وفق معايير ومواصفات تمت دراستها مسبقا بتنسيق مع فاعلين وشركاء بتمويل من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية حيث نجحت هذه المبادرة في المساهمة من الحد من ظاهرة الباعة الجائلين عبرتجميعهم في فضاء تم انتقاؤه بدقة وتم تهييئه وتجهيزه بمحاذاة الحي الصناعي مع وضع خطة عملية تروم الى تأهيل هؤلاء الباعة وتكوينهم في الميدان من أجل تمكين الزبناء (عمال الحي الصناعي) من تناول وجبات تستوفي شروط النظافة والصحة وباثمنة مناسبة.
نفس التجربة تم تدشينها بمدينة بركان كمبادرة فريدة من نوعها على صعيد جهة الشرق بتمويل من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية حيث تم تجهيز وتهيئة فضاء لائق لتجميع الباعة الجائلين ومواكبتهم وتاطيرهم عبر سلسلة من التكوينات بغرض تاهيلهم في الميدان لتجويد الخدمات المقدمة للزبائن.
وليس عيبا أن يفكر الساهرون على تدبير شاننا المحلي باستيراد التجارب الناجحة وتطبيقها محليا ولكن العيب وكل العيب هو أن يتم تنزيل تلك التجارب على الواقع في غياب رؤية استراتيجية لمفهوم التنمية وابعادها المتشابكة والمرتبطة احيانا بضرورة احترام التزامات المواثيق الدولية ومجهودات المغرب المبذولة في مجال تشجيع القطاع السياحي كرهان استراتيجي.
ولعل ما اقدمت عليه السلطات المحلية وبشكل فاجئ كل المهتمين بتدشين مشروع أصحاب النقانق او ما يسمى ب”فضاء ماكلتي” بالقرب من سور الحي البرتغالي وتحديدا بمحاذاة برج “سان انطوان” يعتبر حسب رأي المهتمين بمجال التراث الإنساني العالمي خطوة غير محسوبة العواقب اعتبرها بعض المتخصصين نوعا من الاعتداء على حرمة تراث إنساني مصنف عالميا. واعتبرها آخرون خرقا سافرا للالتزامات التي على أساسها تم تصنيف مزغان كتراث عالمي من قبل منظمة اليونسكو منذ 30 يونيو 2014. واعتبرها بعض الحقوقيين خرقا سافرا كذلك لمقتضيات الظهير الشريف رقم 80.341 الصادر بتاريخ 25 دجنبر 1980 والذي يضمن تنفيذ القانون رقم 22.80 المتعلق بالمحافظة على المباني التاريخية والمناظر والكتابات المنقوشة والتحف الفنية والعاديات.
إن تدشين مشروع بيع النقانق بمحاذاة معلمة مصنفة كتراث عالمي يؤكد وبدون شك أن السلطات الإقليمية لم تستوعب الدرس بعد فشل مشروع السويقة الذي تم تدشينها في نفس المكان ولقيت استهجانا واستنكارا لا مثيل لهما من طرف الفعاليات الحقوقية الجادة والجمعيات المهتمة بالتراث والتي اعتبرت تلك الخطوة بالتطاول على تراث مصنف من طرف منظمة اليونسكو في إطار التزامات محددة وتستوجب التقيد بتنفيذها وعدم الاخلال باحكامها.
فهل ستتراجع السلطات الإقليمية عن هذه الخطوة غير المحسوب ام ان الأمر يتعلق بمحاولة منها لتصنيف وجبة النقانق بمختلف انواعها كتراث عالمي إنساني.
في انتظار تحقيق هذا الحلم السوريالي نهمس في اذن الساهرين على شاننا المحلي ان يكفوا عن هذا العبث ويرحموا تاريخ هذه المدينة قبل أن تصبح القضية فضيحة” بجلاجل” حسب القاموس المصري.

اقرأ السابق

انفراااد.. انتفاضة اعضاء جماعة بئر الجديد تجر الرئيس الى محكمة جرائم المال العام بالبيضاء

اقرأ التالي

“منيار” يستنجد بالملك لانقاذ مشروعه الخيري من هجمة لوبي الفساد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *