الفايسبوكيون يطالبون بنشر المرافعة التاريخية التي قدمها الوكيل العام لاستئنافية الجديدة بمناسبة اليوم الوطني للسلامة الطرقية

محمد عصام//

بعد مرور أيام وأسابيع عن 18فبراير 2019 الذي صادف اليوم الوطني للسلامة الطرقية، بقي الحفل الذي خلد بهذه المناسبة باستئنافية الجديدة موشوما في ذاكرة المتتبعين، خصوصا كلمة الوكيل العام باستئنافية المدينة، والتي اعتبرتها “لسان الشعب” مرافعة تاريخية.

وأمام هذا الوصف، طالب العديد من المتتبعين خاصة الحاضرين منهم بنشر فحوى هذه المرافعة لتعميم الفائدة، من خلال التعاليق “الفايسبوكية” على المادة الإعلامية التي تناولت الحدث في إبانه. لاحظ المتتبعون والمهتمون بالسلامة الطرقية وآفة حوادث السير، أن رئيس النيابة العامة بإقليم الجديدة استغل الحدث ليوجه للرأي العام رسالة قوية الحمولة وشديدة العتاب لمخالفي ضوابط قانون السير، فمن خلال كلمته الافتتاحية للندوة المنظمة بإشراف منه لتخليد اليوم الوطني للسلامة الطرقية والاحتفال به بطريقة خاصة وهادفة للتخليق والعتاب والتوبيخ، أدرك أن التهديد والوعيد صرامة النصوص القانونية وصرامة تطبيقها لم تنتج العدم أو الخفّة في حوادث السير والندرة في الضحايا والخسائر، فمال كل الميل من مخاطبة العقول إلى مخاطبة القلوب والأحاسيس، فلا غرابة أن يستعير الشعر لهذه الغاية، وهو ما كان ملفتا للانتباه. أيضا الملفت للانتباه وصفه لخارق ضوابط السير بصاحب العقل المريض وسفاح السلوك. وإن كان قد تحفظ بذكاء في نسبة الوصف إليه واستعاره من صحافية لإيصال الرسالة والضرب على الوثر الإنساني الحساس، وثر الكرامة وسمو الذات الإنسية، ومؤكدا في بحر مرافعته أن الذي لا يحرص على الحفاظ على الأرواح هو سفاح مرض العقل..

 كلام الوكيل العام بكبر حمولته هاته، جدير أن يحظى باهتمام الإعلام ليصل إلى أكبر عدد من الناس، ليستقر في الذاكرة، تراجعه العقول وتتألم من عمق القصد فيتملّكها الحياء والخجل كلما حادت عن السكة وارتكبت مخالفة لضوابط قانون السير..

وللأمانة، أورد للقراء المداخلة الافتتاحية للوكيل العام والكلمة الختامية التي حبّذا إلقائها وهو واقف باعتباره قضاء واقف، معززا كلمته بالأبيات الشعرية تتماشى والمناسبة..

 

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف المرسلين

وعلى اله وصحبه أجمعين وعلينا معهم إلى يوم الديـن

  الحضور الكريم،

      أود في البداية أن أتقدم بتشكراتي الخالصة على التفضل بقبول دعوة الحضور لهذا اللقاء الذي يندرج في إطار التخليد لليوم الوطني للسلامة الطرقية، ويأتي في إطار انفتاح القضاء على محيطه الخارجي بالنسبة لموضوع يستأثر باهتمام الرأي العام الوطني موضوع حوادث السير ببلادنا.

     فلا يخفى عليكم الحضور الكريم العناية السامية التي يوليها صاحب الجلالة نصره الله لموضوع السلامة الطرقية، وكذا حرص جلالته على توفير جميع شروط السلامة لرعاياه الأوفياء ما تجلى على الخصوص في تفضل جلالته برئاسة اجتماع اللجنة الوزارية للسلامة الطرقية يوم الجمعة 9 محرم 1426 ( 18 فبراير 2005) حيث أصدر جلالته تعليماته السامية لحكومته من أجل العمل على اتخاذ جميع التدابير الكفيلة بالتخفيض من عدد حوادث السير وعواقبها البشرية والاجتماعية والاقتصاديـة.

      وتنفيذا لتعليمات جلالته وتوجيهاته أولت الحكومات وعبر تعاقبها اهتماما خاصا لموضوع السلامة الطرقية ولمحاربة معضلة حوادث السير وجعله ضمن المحاور ذات الأولية في برنامج عملها.

      وفي هذا الإطار، فقد تقرر إعلان يوم 18 فبراير من كل سنة يوما وطنيا للسلامة الطرقية كموعد سنوي لكافة القطاعات المعنية بهذا الشأن ليشكل هذا اليوم لحظة تأمل للوقوف على ما تم تحقيقه خلال سنة مضت وتثميــن المجهودات التي تم بدلها من طرف مختلف الشركاء في ميدان السلامة الطرقيـة ولاستنهاض الهمم للمضي قدما في محاربة آفة حوادث السير ولدعوى مختلف مكونات المجتمع المدني ومستعملي الطريق إلى الانخراط الإيجابي والفعال في مجال السلامة الطرقية للحد من هذه الآفة ( افة حوادث السير ) التي تخلف خسائر بشرية واجتماعية واقتصادية تتحمل الأسر والدولة والمجتمع برمته تبعاتها السلبية.

 الحضور الكريم،     

    لا يخفى على أحد أن الطرق المغربيـة تحصد يوميـا أرواح الأشخاص بشكل مروع ومهول حيث وصل عدد قتلى حوادث السير 10 أشخاص وإصابة 212 شخصا بجروح وتخلف سنويا وفاة أكثر من 3600 شخصا وإصابة 12 ألف أخرين بجروح بليغة حسبما تطالعنا به الإحصائيات من المؤسسات والجهات المعنية بمجال السلامة الطرقية.

     وإذا كانت الخسائر البشرية المقترفـة عن حوادث السير والمشار إليها لها دلالاتها المرعبة والمهولة والمخيفة، فإن تكلفة هذه الحوادث من الناحية الاقتصادية لا تقل أهمية عن هذه الخسائر ويكفي هنا أن نقول بأن تكلفة هذه الحوادث تبلغ سنويا 15 مليار درهم وهو ما يوازي 2,5% من الناتج الداخلي الخام مما يؤكد على أن حوادث السير تشكل بحق معضلة كبيرة بالمغرب من حيث اعاقتها لتحقيق عدد كبير من التطلعات التنموية في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والسياحية وغيرها واضرب لكم كمثال أن 11 مليار درهم هي تكلفة انجاز المشروع الضخم للميناء الأورو متوسطي.

الحضور الكريم،    

   اذا استحضرنا هذه الأرقام المهولة واذا استحضرنا تلكم الصور المرعبة التي تطالعنا بها وسائل الإعلام ولا سيما منها المرئية لا يسعنا إلا أن نقف على حقيقة ثابتة وهي أننا أمام حرب حقيقية، هذه الحرب التي لم تفرض علينا من دولة أجنبية ولا من جهة معادية، وإنما هي حرب أعلناها على أنفسنا واسمحوا لي ان استعير تعبيرا استعملته احدى الصحفيات في احدى اليوميات حيث كتبت هذه الصحفية قائلة ” سفاح الطرق، هذا القاتل الذي يختال بيننا  ويعيش فينا ونرفض أن نعتقلـه ونضعه وراء اسوار الماضي ونتقـدم في المستقبل، هذا القاتل والذي بمعاوله القاتلة وبأسلحته المؤدية يعبث بأرواحنا وينشر الرعب في أنفسنا ويكبدنا خسائر اجتماعية واقتصادية تؤلمنا، هذا القاتل الذي هو تلكم العقلية فينا المريضة بجنون السرعة، هذا القاتل هو تلكم العقلية فينا المريضة بالسياقة في حالة سكر أو تحت تأثير المخدرات، هذا القاتل هو تلكم العقلية فينا المريضة اختصارا بعدم احترام ضوابط قانون السير.

    اذا فإننا أمام حرب، حرب من صناعتنا نحن، وبما أننا أمام حرب فإن الأمر يستدعي أن تواجه هذه الحرب من طرف الجميع فرادى وجماعات دولة مجتمعا.

                                                                                                           

 وفي هذا الإطار جاء عقد هذا اللقاء الذي دعيت له جميع الفعاليات والذي كان شعاره السلامة على الطريق مسؤولية الجميع حيث ستتفضل تلة من أسرة القضاء ومن مساعدي القضاء على عرض مداخلاتها أمامكم والذي أود الا يكون لقاءا أكاديميا أو تقنيا تبسط فيه الإشكالات والاحصائيات وتطرح فيه المعادلات الرقمية فقط وإنما أود أن يكون كذلك لقاءا تحسيسيا أو بالأحرى لقاءا توجيهيا يساهم فيه الجميع بآرائـه واقتراحاته عند المناقشة استيفاءا للغاية المنشودة منه وهي مساهمة كل من موقعه في الحد من الآثار الوخيمة لظاهرة حوادث السير.

       فالحمد لله والله أكبر واهب النصر والظفر والذي نرجوه في علاه أن يعطينا طول الباع وبعد النظر وأن يحصننا بحصن التبصر وأن يمنعنا بمناعة التحضر وأن يغتال فينا لا أن يختال بيننا سفاح الطرق الذي هو بحق إرادتنا إرادة الحمق، إرادة لضوابط القانون تخرق.

           يقول الله سبحانه وتعالى ” وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فيبئكم بما كنتم تعملون ”.

              

                                        والله ولي التوفيق والسلام عليكم رحمته تعالى وبركاتـه.

وفي كلمته الختامية شكر جميع الحضور  وتطرق من جديدة للموضوع وهو واقف معززا ذلك بالابيات الشعرية الاتية حالتها:

ايا سائق سر على الطريق مهلا                              تصل مرادك ومقصودك سهلا

واترك السرعة والرعونة وإلا                                سحلتك المنية على الطريق سحلا

وإذا قيل زمان سر مهلا وبها                                 تغنى المغني فاستحضر سلامتك عقلا

فالشيطان يدعوك إلى المهالك دعا                             والرحمان يدعوك إلى الحياة أخيرا وأولا

فلا تسرع يا أبي اننا في انيطارك                                         هو شعار للابناء فمن لهم دونك موئلا

فالحق في الحياة واجبنا جميعا                                              فلنا حق لأن نعمل للحفاظ عليها عملا

اقرأ السابق

مواطن يتهم شرطي بالتهديد بواسطة السلاح الوظيفي ويشتكي الى الحموشي

اقرأ التالي

غدا ستنظر استئنافية الجديدة في ملف غريب الأطوار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *