بقلم:محمد عصام//
سبحان الله العلي العظيم، ولله في خلقه شؤون، قلم تجد قاضيا نزيها وذا سلوك فاسد وقلم تجد قاضيا فاسدا وذا سلوك حسن. الرذيلتان غالبا ما تجتمعان في النفس الخبيثة، الفاسد في الأمانة بالارتشاء والانحياز، والفساد في الخلق بتحقير الناس واهانتهم والتقليل من شأنهم. فإذا كان من الصعب إثبات ارتشاء القاضي، للتفنن في قبضها والدفاع عنها بأحكامه، فأنه من السهل معاينة قبح وسفاهة لسان وحركات القاضي، بقاعة الجلسة خاصة وخارجها أحيانا… ووجود هذه القرينة على وجود الأخرى.
وإذا كان الرقيب على القاضي حسب تدرج هرم الإدارة، يعلم هذا عن القاضي وصامت، فليعلم أنه مسؤول عنه إلى حد ما، ومن موقع ما على الحاصل اليوم ببعض غرف قاعات الحكم..
فبالله على كل ذي مروءة من هؤلاء و أولئك، هل مقبول شرعا وقانونا وخلقا اهانة إنسان له نصيب من الكرم الإلهي، أمام الملأ وبقاعة المحكمة وبجلسة الحكم، فأية سلطة لك أيها القاضي على كرامته؟ حتى تدوسها، وهي كل ما يملك في الوجود، ليكون إنسان. وأية قيمة تضاف، إذا خاطبته وعاملته بالقبيح من الكلام و السلوك؟ فأنت أيها القاضي، تملك ضميرك وتقديرك، وبين يديك حجج وأدلة وقرائن، أفلا تكفيك وتغنيك عن الاهانة؟ وسيكون حكمك مقبولا ومستساغا، إذا صاحبه العدل وحسن الخلق.. واعلم أيها القاضي أن من الناس، من يقبل منك حكم الإعدام في حقه. وانك لو علمت وقع كلامك القبيح والمهين في نفس الواقف أمامك، لقدمت استقالتك، لما سيخيفك من هول ما تقترف كل يوم من ذنوب وآثام، لا تليق بمثلك.
القضاء الرحيم هو المرجو ـ خلق حسن وحكم عادل ـ وعاشته الأمة مع الخلفاء الراشدين، وغاب عنها، ولم تعد تصادف منه إلا القليل الناذر هنا وهناك، وفي هذا الزمان وذاك..
اتقوا لله يا قضاة الأمة، واعلمواـ وكلي يقين أن نصيحتي لن تتجاوز سطح آذانكم ـ أنكم كل يوم تجمعون الحطب بأقوالكم وأفعالكم ، لتحرقوا به يوم القيامة ؟
قال المصطفى كما في الصحيحين عن أبي هريرة: “إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي بها بالا فيرفعه الله بها درجات، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقى لها بالا فيهوى بها في جهنم”
فهيا يا قضاة الأمة، اجتهدوا، واتقوا الله ما استطعتم، ودربوا ألسنتكم على الكلام الطيب، واهجروا الفاحش من القول.. فلقد أسأتم إلى الأمة كثيرا:لا تحكمون بما أنزل الله، و لا تتحرون العدل في أحكامكم، وتأكلون الحرام وتطعموه لأبنائكم… وتزيدون في السوء سوءا باحتقاركم للناس والتقليل من شأنهم.. إنكم لا تستحيون، لذا تفعلون ما تشاءون، لا ما يرضي الله عز وجل؟ وأنتم بالتالي مسؤولون بنسبة ما عن كل الكوارث التي قد تحصل بالبلاد جراء الفساد بها بين العباد؟