محمد عصام//
يكاد الإعلام أن يكون العملة ذات الوجهين، وسيلة في يد المقاومين، ويكاد الإعلام الفاسد أن يكون بالتلازم الطبيعي، من جنس الفاسدين يحمي مصالحهم ويغطي على مفاسدهم. ويكاد الإعلام المقاول أن يكون بالتلازم الطبيعي من جنس الصالحين أداة في يدهم للقتال ومجاهدة الفاسدين.
وكلما اتسعت دائرة الفساد، اتسعت دائرة المقاومة، وذلك نمو طبيعي متلازم يدخل ضمن سنن الله تعالى في الكون، ليحصل التدافع، ليتحقق التوازن، لتستمر الحياة.
لماذا يكتب الناس للناس؟ ولماذا يقرأ الناس للناس؟ إنها عبر الزمان بالنسبة للكاتب وسيلة لإيصال المعلومة، إيصال الرأي وإبداء الموقف..
وإنها عبر الزمن بالنسبة للقارئ وسيلة للعلم بالمعلومة ومعرفة الرأي والاطلاع على الموقف.
وهامش الحرية إذا تسع يزيد من عدد الكتاب وعدد القراء ومن انتاج هؤلاء وهؤلاء، ويتحقق بذلك النمو والازدهار.
وإن هامش الحرية إذا ضاق، يزيد من العزوف عن الكتابة وعدد القراء، فيتحقق بذلك السخط والتذمر، والذي بدوره ينتج العنف كسلاح بديل في التغيير، فيكون الانحطاط والتخلف، وبالتالي تتحقق الكارثة، فكيف التعامل مع الكارثة إذا حصلت؟ أبمبادلة الغاضبين الساخطين المتذمرين بالعنف واعتقالهم وتعذيبهم ومحاكمتهم وهل هذا هو الحل؟ أم هو زرع للقنابل بالنفوس لتنفجر يوما ما، فتدمر الذات وما حولها، أما تصحيح الخطأ، فيبدأ بتوسيع دائرة وهامش الحرية، وإشاعة ثقافة الاحترام والحوار…
والحرية كمفهوم تستدعي تربية قبلية وموازية وبعدية، مفادها تلقين ثقافة الحق وحمايته، وجعله قاعدة للحكم والعدل والتسيير والتقاضي والتعامل، ولكل مجال من مجالات الحياة، ومتى تحققت فلسفة الحرية تحقق الرهان، وانفتحت كل الآفاق والأجواء، واشتم الجميع ـ ساسة و”مسوسين”، قادة ومحكومين، قضاة ومتقاضين، خاصة وعامة، نخبة وسواداـ ريح الحرية، وراحوا يبدعون كلا من موقعه، ويسعون في حراك شامل، نحو تحديث وتطوير وتخليق كافة مناحي الحياة ودروبها، وسلاحهم البتار في ذلك بعد نيل الحرية الحق، هو العلم والمعرفة، وإن من رمز لهذا صدق في قوله، وهو الصادق الأمين، حين قال: ”الحكمة ضالة المؤمن”..
ولكم تنامى الرهان الآن على الحرية وبعثها من جديد وإحيائها في زمن انتشرت فيه أولى إرهاصات الحرية، وهي الوعي، واندماجها في هاته الفلسفة الوليدة، فإن العالم اليوم أصبح يرصد ويرقب سعيا حثيثا نحو الحرية من كل فج عميق، ما يعكس فعلا واقعا متحركا، ويؤكد بأن مجتمع اليوم ومجتمع الغد لن يقبلا ولن يكون فيها أي مكان لخائن نفسه أو مجتمعه أو…، وشعار حال جيل اليوم ما قاله عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ”ليس منا أعطى الذلة من نفسه غير مكره” والعقبى للأحرار”..