محمد عصام//
انطلقت بشائر تعديل المادة الرابعة بمدونة الحقوق العينية، التي دخلت حيز التنفيذ أواخر سنة 2011، من قبل العديد من العقلاء، فيما يخص إسناد مهمة تحرير العقود الناقلة للملكية إلى المحامي، بمثابة هدية مسمومة، صححوا هذا القطاع من العبث والتهور بمجال لا يصح فيه إلا الجد والحذر..
إن كارثة تحرير المحامي للعقود، لم تسلم منه لا أملاك الأحباس ولا أملاك الأوقاف ولا أراضي الكيش ولا أراضي السلالية ولا أراضي الجموع من الضرر. السطو تم ويتم هنا وهناك وهنالك وعقود المحامي مطية، مادام هؤلاء يجهلون المقتضيات القانونية لتفويت هذه الأراضي ويجهل الوثائق اللازم إحضارها للنأي بالخواص عن هذه الأملاك..
أبرز الضالعين في هذه الكوارث محامي من هيئة الجديدة يدعى (ع.الفتوي) الذي غاب عن الجلسات واختص في تحرير عقود الزور، ويجري في صمت وهدوء، فكيف يعقل ويصدق أن يحرر هذا المحامي عقد بيع يتعلق بالأراضي السلالية بجماعة أولاد غانم في إطار تجزئة سرية لصاحبها “المصطفى ضلف”؟ فكيف يستساغ أن يحرر هذا المحامي عقد يدعي من خلاله أن “المصطفى ضلف” ورث هذه الأرض عن والده بعد أن غادر دار البقاء، ووالده لازال على قيد الحياة ويعيش بين ظهراني أفراد عائلته إلى يومنا هذا؟
وهذه الفضيحة ظهرت عن طريق “لسان الشعب” أمام أم أعين المسؤولين القضائيين محليا ومركزيا، ولا مبرر لها، فتستحق المتابعة والعقاب.. وعلى الدنيا السلام إذا كان الحريص على حماية الحقوق “حرامي”، لا يهمه الأمن القضائي..
وعلاقة بالموضوع، فلا تستقر معاملات البيع والشراء بين الناس إلا بعقود آمنة موثوق بها، لم ينظر المحامي المعلوم مع كامل الأسف إلى هذا الجانب ولم يكثرت به، واهتم أكثر بما يدر عليه من مال، وهو ما اعتبره العديد من الملاحظين ريعا تشريعيا، لما رأوا أن تحرير المحامي للعقود لم يضف قيمة نوعية لاستقرار المعاملات، وإنما شكل فقط موردا ماليا مضافا للمحامي لا غير، ومزاحمة لذوي الاختصاص الأصيل الموثقين والعدول، بغير مبرر مقبول. فهؤلاء العدول والموثقون لم يشتكوا يوما من عدم القدرة على النهوض بهذا الاختصاص كَمّا وكَيْفا، فهل لهذه الإضافة مبرر؟ اللهم إذا كانت من وراء القصد تكبيل قطاع المحامين بالأصفاد لإخراس ألسنتهم في المجال الحقوقي..
أزيد من عقد من الزمان كان كافيا، لتخرج الجهات الرسمية عن صمتها، وتشرع في التحذير من تداعيات ممارسة المحامي لهذا الاختصاص. أما المحاكم فقد غصت بهذه القضايا، حتى بدأ يسود الاعتقاد بأن كل عقد يحرره محام بمثابة ملف لنزاع قادم سيفتح بالمحكمة، إن لم نقل ملفات تنتفخ وما المنتظر إلا الانفجار، ولن يكون إلا انفجارا نوويا، نظرا لحجم الفساد المستشري في تحرير العقود من قبل المحامين..
وأمام فضيحة المحامي المومأ إليه أعلاه، يتعين على رئيس النيابة العامة التحرك لإصلاح مهن عشش فيها الإجرام، وعلى نقيب هيئة المحامين بالجديدة أن يحذر العابثين بشرف ونبل مهنة المحامين، لكي لا تمتد رائحة هذه السمكة “الشرذمة” وتخنق أروقة العدالة..