لسان الشعب//
إن كانت القاعدة الصحية تقضي بزيارة الطبيب أو المستشفى قصد التعافي من مرض معين،فان هذه المعادلة تعكس رأسا على عقب ،إذ إن الشخص المريض يضاعف مرضه، والمرافق له لا يبارح المستشفى الإقليمي محمد الخامس بالجديدة إلا وهو مريض منكسر النفس جراء الفساد وسوء الخدمات.
فعند الباب يصادفك رجال الأمن الخاص ،بأسلوب وقح وعبارات قاسية تبعث على الاشمئزاز والنفور، وكأنك دالف إلى ضيعة خاصة وليس إلى مرفق عمومي، وأكيد أن سوء المعاملة والصرامة التي يبديها حراس الأمن تجاه المرتفقين، والتي غالبا ما تتحول إلى السب والشتم والتلفظ بعبارات نابية تخدش الحياء، إلى إن تتحول أحيانا إلى الضرب والجرح، فمثل هذه المشاهد اللا إنسانية غالبا ما تعطي الانطباع بأن الأمن الخاص يقوم بواجبه ولكن على العكس من ذلك فبطشهم وقسوتهم تجبر المرتفقين الاخرين على تقديم الرشوة لتهدئة وتليين خواطرهم للاستفادة من خدمات المستشفى.
وما إن تطأ قدماك قسم المستعجلات حتى تصاب بالغثيان ،جراء دم المصابين المتناثر على الأسرة المتعفنة والتقيؤ، وانبعاث الروائح النتنة..
في ظل هذا الوضع المتردي لاتستطيع التمييز بين الممرض والطبيب، بل في بعض الأحيان قد يقوم حارس الأمن بكل الأدوار على قدر الإتاوة المدفوعة، حيث يقدم الإسعافات الأولية للمصاب كتركيب أنبوب الأوكسجين والتضميد وغيرها من العمليات التي يفترض أن يقوم بها الممرض، وأحيانا أخرى قد يرافقك إلى قاعة المعدات التي غالبا ما تكون معطلة بفعل فاعل… وقد يرافقك إلى احد ممرات القسم المذكور لتصادف طبيا قد يسلمك وصفة شفوية ويكتبها لك وأنت شاخص أمامه دون أن يجري عليك الفحوصات الأولية..
الأقسام الأخرى لاتقل رداءة وسوء على قسم المستعجلات،بل الغريب في الأمر أن قسم طب الأطفال ،متوقف لمدة شهور عن العمل، إلى درجة أن شبح الهلاك يخيم على العديد منهم حيث يضطر أولياؤهم إلى التوجه بهم إلى مدينة الدار البيضاء، في غياب حتى الإسعافات الأولية كالأوكسجين مثلا…
وحسب مصدر طبي رفيع المستوى، فان “راديوهات الأشعة” بالمستشفى شبه مع معطلة ،ولا تستخدم إلا مرة في الأسبوع، حتى يضطر المرتفق المريض إلى إجراء فحوصات الأشعة لدى الخواص، وطبعا للأطباء الموجهين نصيب من الكعكة .
فأين نحن من قسم أبي قراط؟ وكيف لمثل هؤلاء المقسمون أن يدوسوا على هذا القسم ذو المرجعية والحمولة الإنسانية الكبيرة؟ وان كنا لا نستغرب في زمن تنتهك فيه حقوق الانسان ببشاعة، وعلى رأسها الحق في الخدمات الصحية بمستشفى محمد الخامس بالجديدة منذ مدة ،ولكنها استفحلت أكثر في الآونة الأخيرة، ضدا على المواثيق الدولية التي تشدد على العناية والحرص على الحقوق الأساسية لجميع سكان العالم ومنها الحق في الخدمات الصحية بالجودة المطلوبة..
لكن الطامة الكبرى أن هذه الأطقم الصحية تعمل عكس التوجهات الملكية السامية الرامية إلى النهوض بالأوضاع الاجتماعية والاقتصادية لجميع المغاربة ….
وفي ظل عجز السلطات الوصية على القطاع ،على تجويد الخدمات الصحية داخل المستشفى المذكور، فانه لاسبيل لنا إلا الاستنجاد بجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، أمام سياسة إغلاق الآذان وحجب الأعين التي تنهجها السلطات الصحية، مركزيا، جهويا، وإقليميا..