محمد عصام//
بداية، لا بد من الاعتراف بأن الحديث الطويل الحزين عن الاتجار في المخدرات بجميع أصنافه بدوار البحارة جماعة مولاي عبد الله من قبل النادل الذي يشتغل بمقهى “الدركي المعلوم”، المعروف بـ:”البزناس“ والمدعو “أسامـــة“، قد أيقظ النفوس أحاديث أخرى زيادة على المعاناة، حيث أضيفت إلى خانتها ظاهرة استقطاب المدمنين من جميع أنحاء مدينة الجديدة، فساكنة دوار البحارة تبحث عن منقذ لها من المآسي التي تعيشها بسبب ولوج التجار والمدمنين إلى الدوار بحثا عن “البزناس“ المذكور لتزويدهم بمادة الشيرة والقرقوبي بالجملة والتقسيط..
فإن حملتك الأقدار إلى زيارة دوار البحارة، فكن متأكدا أنك ستصاب بالدهشة والاستغراب، وتحس بالذهول وتشعر أنك في عالم الخيال، وتساورك أفكار وأفكار.. وتدعوك الضرورة الملحة لطرح أكثر من علامة استفهام وتعجب حول من رخص بهذه الأسواق المحظورة؟ ومن هي المظلة الحديدية التي تقي المتورطين شر المتابعة والعقاب؟ ومن نص على هذا التوجه الذي وجد إقبالا من طرف شباب الدوار خاصة وشباب المدينة عامة؟ فعوض أن يتم إيقاف هذا “المجرم اللقيط” صاحب العديد من السوابق العدلية في مجال الاتجار في مادة الشيرة والقرقوبي وحاميه “الدركي المعلوم“، يجد بعض الدركيين أنفسهم مرغمون على الانخراط في هذه اللعبة الدنيئة التي يشاركون فيها، مع العمل على تكريسهم لمثل هذه المشاريع غير المرغوب فيها. فهم على علم بما يجري ويدور داخل هذا الدوار، وربما القاعدة الشهيرة الداعية إلى “انصر أخاك ظالما أو مظلوما”، هي التي جعلت الدرك الملكي المعني بذلك يتغاضى عن ذلك..
لنتوقف قليلا مرة أخرى عند مشكلات يومية، بسيطة مظهريا ومأساوية جوهريا، لا ينتبه لها المنوط بهم محاربتها، وبسطاء الدوار المذكور يتألمون لها كثيرا بأفعال “الدركي المعلوم” و“النادل البزناس المجرم“ الذي يتستر على جرائمه بواسطة العمل المبطن بمقهاه، ففي كل ليلة يُحمى الوطيس بين النادل وعشيقته من جهة، ومن ينافسهما في الاتجار في المخدرات من جهة أخرى. وتبقى (كامرة المراقبة) المشغلة بمقهاه هي الكفيلة وحدها للكشف عن الفوضى العارمة التي استرسلت أربعة أيام متتالية بمقهى “الدركي المعلوم“ و“النادل المجرم وعشيقته” حاملان أسلحة ومؤازران بشرذمة تساعدهما في الاتجار في المحظور وبيدهم أسلحة فتاكة أدهشت الحاضرين.
من يوقف هذا السيل الجارف؟ ومن يمسح هذه الدموع الساخنة المنهمرة من عيون بريئة وقلوب صافية لأمهات وأباء شباب دوار البحارة الذين تحولوا بفعل شظف العيش، والظروف المزرية إلى قلوب هشة منزوعة الإحساس بالمواطنة..
ساكنة دوار البحارة غاضبة، تعاني من الظلم المحرم بين العباد، الذي تفشى حتى ساد وسَوَّدَ البلاد، وما عاد اليوم يكفيه تضميد جرح هنا وجرح هناك، بل السخاء بكل شيء للحفاظ على شيء وإلا وضاعت الجمال وسائقيها في الفيافي والقفار.. ولنا عودة إلى الموضوع لاحقا ضمن الحلقة الرابعة موضوع جرد ممتلكات “الدركي المعلوم“ مع الكشف عن تورطه عدة جرائم..