محمد عصام//
إن مهنة القاضي ليست مهنة حرفية، ولا وظيفة إدارية، بل هي أمانة إلاهية، أودعها الباري جل جلاله في يد القاضي، ليفصل في النزاعات بين العباد بعضهم ببعض، وما بين المواطن والدولة، وبالتالي، فليس قاضيا من يريد، لقد قال الخليفة عمر بن عبد العزيز الذي اشتهر بورعه وأبهر عدله الأنظمة والدول المتعاقبة بعده: “لا يصلح للقضاة إلا القوي على أمر الناس المُسْتَخِفّ بسخطهم ومَلامَتِهم في حق الله”.. إذن فلا عدالة في غياب القاضي الصالح القوي..
وهذه رسالة موجهة عبر sms إلى قضاة الغرفة الجنحية “غرفة المشورة” بابتدائية الجديدة، الذين سيبثون يوم الأربعاء المقبل 2022/10/19 في الملف المتعلق برئيس جماعة زاوية سيدي إسماعيل المدعو “عبد الواحد جاحظ”، موضوع الإحالة من قبل وكيل الملك لدى ابتدائية الجديدة على قاضي التحقيق بذات المحكمة، بتهمة تزوير عقد عرفي إضرارا بالخزينة العامة والحصول على خاتم حقيقي واستعماله للغش والنصب مع إيداعه السجن المحلي نظرا لخطورة الأفعال المرتكبة من طرفه.. إلا أن قاضي التحقيق ارتأى إطلاق سراحه لضمانة الحضور(…) بعد أن قرر وضعه تحت المراقبة القضائية مع سحب جواز سفره وإغلاق الحدود في وجهه. وهو القرار الذي أزعج النيابة العامة من الناحية القانونية، لكون القرار الذي أصدرته في حق المتهم يتنافى والقرار الذي اعتمده قاضي التحقيق بخصوص إطلاق سراح المتهم، وسنده في ذلك هو ضمانة الحضور(…)، فيما النيابة العامة بقيت متشبثة بقرار اعتقاله، نظرا لخطورة الأفعال المرتكبة من جهة، وما سَيُقْدِمُ عليه في حالة سراح من تدمير للقرائن والأدلة بواسطة التأثير على الشهود وفق الثابت بمحضر الفصيلة القضائية الجهوية للدرك الملكي بالجديدة من جهة أخرى..
وهنا وقعت الواقعة، فكان الطعن في هذا القرار من طرف النيابة العامة على الفور، مع إحالة الملف وأطرافه على الغرفة الجنحية المومأ إليها أعلاه، والتي هي الآن أمام امتحان عسير، بل هي أمام إصدار حكم يرضي الله تعالى، بدل إصدار حكم لفائدة من لا حق له..
فالقاضي الذي ينحاز لسبب من الأسباب، كوساطة نافذة أو صديق أو صديق صديق أو رشوة، هو عدو للناس ولنظام الحكم، ويضر بهما معا، من حيث يدري ولا يدري، ويكون أحد الأسباب الهامة في بث الخلاف بينهما، بل الكراهية والصراع أحيانا إلى حد التصادم والمواجهة..
لنــا كلمـــة..
القضاء الرحيم هو المرجو “خُلُقٌ حسن وحكم عادل”، وعاشته الأمة مع الخلفاء الراشدين، وغاب عنها، ولم تعد تصادف منه إلا القليل الناذر هنا وهناك، وفي هذا الزمن وذاك..
اتقوا الله يا بعض قضاة المحكمة الابتدائية بالجديدة، واعلموا، وكلي يقين أن نصيحتي لن تتجاوز سطح أدانكم. لكونكم كل يوم تجمعون الحطب برداءتكم وأفعالكم وأحكامكم النتنة لتحرقوا بها يوم القيامة..
فهيا يا بعض قضاة المحكمة الابتدائية بالجديدة، اجتهدوا واتقوا الله قدر ما استطعتم، ودربوا أنفسكم على الورع، واهجروا النذالة. فلقد أسأتم إلى ساكنة منطقة دكالة كثيرا. لا تحكمون بما يمليه القانون، ولا تلتفتون للعدل في أحكامكم، تأكلون الحرام وتطعمونه لأبنائكم، وتزيدون في السوء سوءً باحتقاركم للناس والتقليل من شأنهم، بأحكام جائرة تستدعي المحاسبة والعقاب، باعتباركم مسؤولين بنسبة ما، عن كل الكوارث التي ستنطلق شرارتها من فساد أحكام بعض القضاة وتعم أنحاء البلاد جراء كثرة الفساد بمنطقة دكالة..
ومعلوم أنه من السواري الهامة لنظام الحكم، هي سارية العدل، سارية القضاء أو الفصل في المنازعات، فالمحاكم يلجها الجميع إما طالبا أو مطلوبا، والقضاة بتجردهم يعدلون، فلا يهتمون لغير الوقائع أيّا من كان صاحبها، وبتحقيق ذلك يطمئن الناس إلى القضاء، ويمتد هذا الاطمئنان إلى نظام الحكم. وعلى عاتق القضاء مسؤولية ضمان ذلك، وكل إخلال يجعله عرضة للمساءلة أمام ضمير ساكنة منطقة دكالة الصامتة صمت القنبلة عن أقبح الظلم الذي طالها، والذي هو ظلم القضاء..
هـــــــــــام جـــــدا..
علمت “لسان الشعب” أن الجهة التي تقدمت بشكاية في مواجهة رئيس الجماعة المعلوم، قد عاودت الكَرَّة، وتقدمت بشكاية جديدة إلى أحد المسؤولين القضائيين بالجديدة مرفقة بتسجيل صوتي صادر عن أحد الأعضاء بالجماعة الموالي للرئيس، ومفاد هذا التسجيل يمس القضاء الجديدي خاصة والمغربي عامة في الصميم.. وهو الموضوع الذي سنعود إليه لاحقا..