لسان الشعب//
أثارت حادثة وفاة عامل شركة المناولة بمعمل الحليب بالجديدة بسبب صعقة كهربائية تناسل العديد من الأسئلة حول تحديد المسؤوليات في هذا الحادث المؤلم.
فهل يتحمل معمل الحليب مسؤوليته في توفير شروط السلامة والوقاية لكل العاملين سواء المناولين او الرسميين؟ ثم هل شركات المناولة تحترم شروط كناش التحملات ومقتضيات مدونة الشغل ضمن عقود صفقاتها مع الشركات؟ ما حدود تدخلات الوزارة المكلفة بالقطاع في فرض الصرامة وتاطير آلية المناولة بشكل يحترم كرامة اليد العاملة؟
عبودية القرن الواحد والعشرين
انتشرت شركات المناولة كالفطر مع دخول مدونة الشغل حيز التنفيذ سنة 2003 ،مستغلة فراغا تشريعيا يحمي حقوق العمال المؤقتين، إضافة إلى تهرب الشركات من تحمل التزاماتها القانونية اتجاه اليد العاملة.
هذا الفراغ القانوني اسال لعاب العديد من شركات المناولة على إبرام صفقات على حساب عرق جبين اليد العاملة واستغلالها بابشع الطرق دون احترام مقتضيات مدونة الشغل، سواء من حيث احترام الحد الأدنى للأجور أو ساعات العمل أو حقوق المستخدمين في الصناديق الإجتماعية، أو على مستوى ضمان توفير شروط الصحة والسلامة، إذ تم استغلال هؤلاء المتعاقدين وفق “نظام السخرة” وفي ظروف اشتغال جد قاسية، حيث إن أغلب هذه الشركات بحسب مصادر مطلعة تستنزف حوالي ثلثي أجرة المتعاقد، دون تأمين عن حوادث الشغل، ودون تعويضات، لا عن ساعات العمل الإضافية، ولا عن العطل الدينية، رغم المهام الشاقة والخطيرة التي تسند إليهم احيانا، مما أصبح يتطلب إعادة النظر في مقتضيات مدونة الشغل بشكل يراعي كرامة العمال المؤقتين ويضمن حقوقهم.
حادثة الوفاة تفضح لوبيات الفساد داخل معمل الحليب بالجديدة
تناقلت المواقع المحلية ووسائل التواصل الإجتماعي خبر حادثة الصعقة الكهربائية التي ذهب ضحيتها شاب يبلغ من العمر 27 سنة، كان يشتغل قيد حياته كعامل بشركة مناولة داخل معمل الحليب المتواجد بطريق مراكش بالجديدة.
هذا الحادث المؤلم لا يعفي إدارة معمل الحليب من المسؤولية القانونية والاخلاقية والإنسانية مادام أن معايير السلامة وشروط الصحة ووسائل الإنقاذ والوقاية تبقى منوطة بادارة المصنع من أجل توفيرها للعمال والمستخدمين سواء المؤقتين او غيرهم.
هذا وأفادت مصادر وثيقة الاطلاع ل”لسان الشعب” أن حادث وفاة عامل شركة المناولة،ماهو الا النقطة التي أفاضت الكأس وفضحت المستور حول خروقات وفضائح بطلها مسؤول الموارد البشرية بهذه الوحدة، الذي أصبح حديث الساعة، واخباره تلوكها الألسن حول مظاهر الثراء الفاحش التي بدات تظهر عليه بفضل إتقانه لعبة تمرير صفقات المشتريات والطلبيات وشركات المناولة، ونا خفي كان اعطم، مقابل اقتسام الكعكة وتبييض عائداتها في مشاريع عقارية مربحة.
وأفادت المصادر ذاتها أن مسؤول الموارد البشرية استطاع خلال فترة لاتتجاوز 8 سنوات ان يتحكم في كل صغيرة وكبيرة داخل هذه الوحدة، حيث نجح في توثيق زواج كاثوليكي مع احد الانتهازيين المحسوبين عل القطاع النقابي لتصفية كل الاصوات الحرة واستمالة الموالين، حيث عمد إلى إقفال باب تشغيل اليد العاملة المحلية، وعمل على استقدام العمال من خارج الإقليم، خصوصا أبناء جلدته، وذلك لضمان نجاح تدبير يقوم على اساس منطق الولاء الأعمى، واستقصاء الاخبار بواسطة “سربيس وذن”. ليحول بذلك هذه الوحدة إلى ضيعة في ملكيته يصول ويجول فيها دون حسيب ولا رقيب، لايهمه في التدبير سوى تحقيق المنافع الشخصية ولو على حساب المردودية وشروط التحفيز وأجواء السلم الاجتماعي كأحد معايير الرفع من الإنتاج وتجويد خدماته.
حادثة الوفاة حسب ذات المصادر كشفت خروقات هذا المسؤول حول قانونية إرساء صفقات شركات المناولة ، من حيث طرق تمريرها والمعايير والشروط الواجب توفرها في نائليها، إضافة إلى نجاعة معايير التاطير ودورات التكوين الذي يعتبر جزء من مسؤوليته كمسؤول اول على الموارد البشرية بهذه المؤسسة.
وأشارت ذات المصادر أن معمل الحليب عرف خلال الشهور السابقة حادثة مأساوية تمثلت في محاولة انتحار أقدم عليها أحد العمال جراء الضغوطات الممارسة عليه بشكل مباشر او غير مباشر من طرف هذا المسؤول، الذي نجح في تسميم الأجواء واحتقانها بشكل أصبح يهدد السلم الإجتماعي بين صفوف العمال جراء استبداد هذا الأخير وتجاوزاته اللامسؤولة.
فهل ستتحرك الجهات المختصة من أجل فتح تحقيق نزيه بعد هذا الحادث المؤلم من اجل تحديد المسؤوليات وترتيب الجزاءات، أم أن منطق استنزاف عرق جبين الضعفاء ومراكمة الأرباح بالاغتتاء اللامشروع سيستمر في ظل فراغ قانوني يستنزف الضعفاء ويحمي الأقوياء ولوبيات الفساد ومواليهم.
ولنا عودة في الموضوع لفضح خروقات أخرى داخل هذه الوحدة الصناعية.