محمد عصام//
فما أن أنهى المستثمر العقاري حسن السباعي سرد قصة النصب التي تعرض لها على يد قاض شغل مستشارا بمحكمة الاستئناف بالجديدة سابقا، ويزاول حاليا بمحكمة الاستئناف بأسفي، ويقيم بفيلا بالجديدة، تعود ملكيتها لزوجته ـ صوريا ـ فكعادة الملأى ذممهم بالأموال الحرام، على الدوام خائفون من المفاجئات، لذا يحاولون تجريد أنفسهم من التملك الذي يصعب تبريره بالرواتب الشهرية.
ما أن أنهى هذا المستثمر الضحية السرد، حتى عادت بي الذاكرة لدراسة جميلة حول “إصلاح القضاء من خلال السلوك المهني للقاضي والمحامي”، أنجزتها رئيسة المحكمة الابتدائية ببن سليمان بشرى العلوي، نشرت بمجلة المحاكم المغربية عدد 147/7ـ8ـ2015. من بين ما أوردت بهذه الدراسة”… وفي إطار الإصلاح القضائي علمت الودادية الحسنية للقضاة في شخص رئيسها الأستاذ مصطفى فارس على إصدار مدونة القيم القضائية التي تضم عشرة مبادئ، الهدف منها تأمين مبدأ استقلال القضاء، وإيحاء القيم السامية لدى القضاة والنزاهة والتجرد والحياد والمساواة والشجاعة الأدبية والوقار والتحفظ والكفاءة، والسلوك القضائي واللياقة والتضامن… إن المبدأ الثامن من هذه المبادئ العشرة هو مبدأ السلوك القضائي الذي يعتبر صفة مميزة ملازمة للقاضي، ‘هو رسالة يحملها معه تلزمه بقيود تجعله محافظا على النظام الأخلاقي ومشرفا لوظيفته القضائية، وصيانتها وحمايتها من أي خدش أو اتهام’..”
تقاسمت مع الضحية السؤال التالي ـ وهو مصدق في قوله، لعدم وجود داع للكذب، ولسمعته الطيبة في معاملة الناس ـ أين سلوك هذا القاضي من كل ما قيل، لما استغل صفته كقاض وداس على مدونة القيم القضائية ونصب بدفعه لحوالي ثلثي الثمن وخداع المستثمر بتكملة الثمن في أقرب وقت، فوثق به الرجل لصفته وشهد على نفسه أمام الموثق أنه تسلم ثمن البقعة كاملا 1.000.000 درهم، والحال أن مبلغ 330.000درهم ما تزال بذمة زوجة القاضي، علما أن المشترية صوريا الزوجة والمشتري الحقيقي السيد القاضي.
يحكى المستثمر البائع، أنه لما سئم من طول الانتظار وألح في الطلب بأداء الباقي، جوبه بالتعنث والإنكار، مدعيا بلا حياء ولا خجل خلو ذمته وزوجته من أي دين نظير شراء البقعة التي شيدا بها فيلا يسكنان بها.
إن لسان الرجل يحكى وقبله كله حسرة على الخديعة التي حصلت له، والتي ما كان ينتظرها من قاض، يجالسه ينادي كرة المضرب باستمرار ويمازحه ” طريحات الكارطا”… وتساءل، هل بقي مجال للثقة مستقبلا، في أي كان، إذا كان القاضي الذي يتظاهر بالتحلي بعشرة مبادئ لا واحدة فقط، ينتهي في سلوكه ألمعاملاتي نصابا؟ وأقسم على اللجوء للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، حول إساءة هذا القاضي لمدونة القيم القضائية باستغلالها للنصب عليه والتنكر لأداء بقية ثمن البقعة 330.000درهم، ومجابهته باليمين الحاسمة، إذا ما أعرض زملاء له عارفون بالحقيقة عن الشهادة. المفاجأة الصادمة أن المستثمر الضحية همهم قبل المغادرة بمعاناته مع قضاة آخرين نصبوا عليه أيضا، و ما يزال يساير وعودهم للنهاية.
يا لها من فضيحة ستضر بسمعة القضاء بالوطن، إذا امتد الفساد بالقاضي لاستغلال الصفة في النصب والسطو على ممتلكات الغير بدون مقابل. وهل يا ترى سيطارد التأذيب القضاة الشاردين من أجل الإصلاح حتى خارج أسوار المحاكم ودائرة الحكم؟ سننتظر مع المنتظرين وسنرى.