لسان الشعب//
مما لاشك فيه أن الظرفية العصيبة التي تمر منها بلادنا جراء جائحة كوفيد 19، اماطت كل المساحيق عن المعادن المغشوشة للعديد من المكونات السياسية والاقتصادية والاجتماعيةوالفنية، حيث إن مجموعة من الأفواه النتنة باتت خرساء لاتحرك ساكنا، كما العديد من مطبلي ومهللي علم الاسفاف والتفاهة، اختفوا كاختفاء القطط في عيد الأضحى، ولم يبق في الصفوف الأمامية الآن سوى توجيهات ملكية صادقة، وجنود من نساء ورجال أطباء وممرضين وسلطات عمومية بكافة أشكالها، ونساء ورجال تعليم يؤمنون حق الإيمان برسالتهم النبيلة وموظفين واطر ادارية مخلصين لمهامهم المنوطة.
وعلى الرغم من مآسي هذه الجائحة، فإن رسالتها وصلت لقلوب الملايين من شرفاء هذا الوطن العزيز، بأن بناء الأوطان لايتم بالنط والرقص والتزمير والتهليل، بل بسواعد الشرفاء من نساء ورجال عاهدوا الله على بذل التضحيات بالغالي والنفيس، من اجل تلبية نداء وطن عزيز على كل مخلص وفي.
ومناسبة هذا الكلام، هي الضحة التي اثارتها وسائل التواصل الاجتماعي، وما واكبتها من موجات الغضب الشعبي والانتقادات اللاذعة التي خلفها بيان العار للمسماة رابطة التعليم الخاص بالمغرب، التي طالبت من خلاله السلطات الحكومية وبدون استحياء او خجل الإستفادة المادية من الصندوق الخاص لتدبير الجائحة بدعوى جبر الضرر الذي لحق هذا القطاع.
هذا الخروج “المسنطح” جر على هذه الرابطة ويلات من السخط والغضب، لتتوالى بلاغات مضادة من داخل بيت التربية والتعليم، شجبت فيه ماورد في بلاغ الرابطة من وقاحة وقلة دم، واعتبرت هذا الخروج امر يهم مهندسيه “المسنطحين”.
وفي هذا الصدد، اصدرت الجمعية الوطنية للمدارس الخصوصية بيانا، ثمنت من خلاله الدور الطلائعي والتاريخي الذي لعبه قطاع التعليم الخصوصي في المغرب إبان الاستعمار الفرنسي تحت قيادة شرفاء الوطن من رجال المقاومة الأحرار ، كما شدد البيان على شجبه الشديد لهذه الخرجة غير المحسوبة، وذكر البيان بضرورة تغليب الروح الوطنية واستحضار قيم التضامن والتماسك من خلال دعوة أساتذة القطاع الخاص إلى تعبئة جميع الامكانيات المادية والتقنية لتقديم الدروس عن بعد لفائذة التلاميذ.
هذا، وفي الوقت الذي لايسع أي مخلص شريف الا ان يرفع قبعة التقدير والتبجيل لمثل هذه المبادرات الوطنية الراقية لازال السواد الأعظم الا من رحم الله من مؤسسات التعليم الخصوصية باقليم الجديدة تسبح عكس التيار، بل ان جشع بعض اربابها وانتهازيتهم وحبهم الشغوف بوسخ الدنيا وتجردهم من شيم ومبادئ الوطنية الصادقة دفع ببعضهم إلى اقتفاء سلوك ومعاملات ” الفنادقية” من الاتصالات المكثفة والمغلفة بالتهديدات المبطنة بضرورة دفع مستحقات التمدرس برسم الشهور التي ابتدات فيها الجائحة وتوقفت على اثرها الدراسة حتى أصبح الآباء منشغلون ايما انشغال بإعداد الدروس لابنائهم داخل البيوت ومراجعتها لان طرق التدريس عن بعد ابانت عن فشلها الدريع وبالمقابل فضحت جشع بعض أصحاب الشكاير من لوبي المدارس الخصوصية.
وعلى الرغم من بعض الخرجات التمثيلية لتنميق الصورة والسعي الى “البوز” المفضوح من طرف البعض الذين تكرموا بشحهم وجشعهم باعفاء الآباء من مستحقات معفية بقوة القانون كمصاريف النقل المدرسي ووضع مجموعة من التشريعات الماركوتينية من قبيل تقسيط الدفعات إلى اشطر واعفاءات جزئية لحالات محددة مسبقا في غياب وصمت غريبين للسلطات الحكومية والوزارة المعنية.
باستثناء هذه الخرجات الادعائية يبقى القاسم المشترك لجل المدارس الخصوصية هو المطالبة بتسديد المستحقات دون مراعاة لظرفية الحجر الصحي بل انتهازية البعض وشجعهم دفعهم إلى احتقار التلاميذ من خلال مراسلتهم ببلاغات الأداء عبر منظومة الواتساب لتحقيرهن
واحراجهم أمام اقرانهم للضغط على الآباء.
هذه المطالب والبلاغات لازالت مستمرة من طرف جل مؤسسات التعليم الخصوصي باقليم الجديدة يجعل المرئ يضرب اخماس في اسداس حول السر المكنون وراء تغول لوبي أرباب المدارس الخاصة وقدرته الهائلة على تكميم واخراس دواليب القرارات الحكومية وتكبيلها وتطويعها حتى أصبحت غير قادرة على التفاعل الفوري مع نبض الشارع والخروج بقرارات جريئة وكفيلة بمراعاة الأوضاع المادية لفئة عريضة من المتضررين من آثار هذه الجائحة على غرار القرارات السابقة التي خرجت بسرعة الضوء أثناء بداية الجائحة كتلك التي جمدت ترقيات الموظفين ومااثارته من نقاشات حول قانونيتها من عدمها.
وتتناسل الأسئلة كذلك حول السر وراء الصمت المطبق على النسيج الجمعوي لاثارة هذا الموضوع والارتكان غير المفهوم لجمعيات حماية المستهلك وادوار جمعيات أولياء التلاميذ.
كلها إذن تساؤلات تبقى عالقة وتحتاج إلى نقاش واقعي لاعادة النظر في الأدوار الحقيقية لكل المكونات التي تساهم بشكل او بآخر في بلورة المنظومة التعليمية ببلادنا.
وفي انتظار ذلك يبقى الأمل معقودا على الآثار الايجابية لجائحة كورونا فهي وحدها قادرة على فضح المعادن المغشوشة والتي سيكون مآلها لا محالة مزبلة التاريخ.