لسان الشعب//
اعلن الأستاذ سمير أيت أرجدال العضو المؤسس لنادي قضاة المغرب والذي يشغل منصب رئيس المحكمة الابتدائية بوادي زم ، عن استقالته من النادي المذكور من خلال بيان صادر عنه، والأتية حالته:
ذات إشراقة رمضانية أسسنا صرحا جمعويا، وكان حلمنا حينئذ أن يكون الكفة الأخرى لميزان العدالة،
وإذ نادانا الواجب: هلموا إلى التضامن، فقلنا لبيك يا وطن، فخرج من علقت عليهم آمالنا لكسر عصا الوحدة في صفوفنا !!!!!!!
كما في جميع المجتمعات ، تكون فترات الكوارث والأزمات مناسبة لاختبار المبادئ والشعارات، فتظهر المبادرات لفعل الخيرات، من أجل تضميد التضامن والمساواة والتخفيف من المعاناة، بعيدا عن كل منطلقات أو خلفيات او استمالات أو مزايدات.
وفي سياق ذلك، ومساهمة من السلطة القضائية التي أعتز بالانتماء إليها كسلطة مستقلة عن السلطتين التشريعية والتنفيذية، فإن السيد الرئيس المنتدب _ بصفته الممثل القانوني للمجلس الأعلى للسلطة القضائية سواء اتجاه السلطات والإدارات العمومية أو اتجاه غيرها من المؤسسات غير الحكومية، وباعتباره الناطق الرسمي للمجلس المذكور طبقا لمقتضيات المادة 5 من القانون التنظيمي رقم 100/13 والمادة 3 من النظام الداخلي للمجلس بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية _ أصدر بلاغا تحت عدد 1/180 بتاريخ 2020/04/15 على غرار البلاغات الصادرة عن مختلف ممثلي باقي القطاعات الحكومية وغير الحكومية الأخرى ونقباء الهيئات المهنية، يعلن من خلاله التجاوب الوطني الكبير لجميع السيدات والسادة المسؤولين القضائيين وقاضيات وقضاة المملكة الشريفة ، وذلك بتبرعهم بنصف راتب شهري واحد لفائدة الصندوق الخاص بتدبير جائحة فيروس كورونا كوفيد 19 والذي تم إحداثه بأمر ومبادرة جليلة من صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده.
وفي خطوة معاكسة، صدر بيان عن جمعية نادي قضاة المغرب _ التي أفتخر بكوني من مؤسسيها وناضلت من أجل مواقفها ومبادئها رغم اختلافي في بعض المحطات عن كيفية تدبيرها وتنزيلها _ أعلنت في شق منه عن ارتياحها لمنشور السيد رئيس الحكومة رقم 2020/6 المؤرخ في 2020/04/14 والذي بمقتضاه قرر اقتطاع أجرة يوم واحد عن كل شهر من شهور أبريل وماي ويونيه من الأجر الصافي لكل موظفي وأعوان الدولة، وهو ما يوحي بشكل واضح مباركة النادي للمنشور بشكل لا يقبل أي تفسير في المعنى، وامتعاضه الصريح من كتاب السيد الرئيس المنتدب بشكل يجرده من أية قوة أو حجية في المبنى.
ولا شك أن ما انتهى إليه البيان يجعلنا أمام أزمة انتماء بمختلف مستوياتها: القطاعية والجمعوية بشكل يجعل المناسبة فرصة للتذكير بأن استقلال السلطة القضائية ليس مجرد خطاب فكري أو شعار حقوقي، بل هو ممارسة عملية ذات أبعاد كونية ودستورية تجعل القاضي يحتكم في علاقته مع باقي المؤسسات العمومية وغير العمومية إلى ما تتخذه الجهة المختصة دستوريا وقانونيا من قرارات وتوجيهات وبلاغات، وذلك بغض النظر عن الاتفاق حول إجراءات سنها أو الاختلاف حول مضامينها، وليس إلى ما تتبناه السلطة التنفيذية من تعليمات أو توجيهات قد تجعلنا في اصطدام مباشر مع المضامين الدستورية المنصوص عليها في الباب المتعلق باستقلال السلطة القضائية.
ثم إن الخلافات الجمعوية والتقديرات الشخصية لا ينبغي أن تكون مدخلا للمساومة والممانعة في القضايا الوطنية بتبريرات واهية أو واعية، ومن منطلقات مادية أو اجتماعية، على أساس أن الوطنية هي قبل كل شيء شعور بالتعلق وبالانتماء وبالالتزام من أجل مصلحة الوطن دون أدنى اعتبار لمصلحة الأفراد والجماعات الضاغطة مهما كانت طبيعتها: حزبية أو نقابية أو جمعوية، ومهما كانت آليات اشتغالها ومبررات غاياتها.
ولأجل ذلك ، أجد نفسي ومن غير أن أكون ناصحا لغيري، مجبرا على إعلان استقالتي من نادي قضاة المغرب من أجلك يا وطني وتمسكا بتوجيهات ملكي وانضباطا لأخلاقيات المهنة.
انتهى البيان..