محمد عصام//
بعد استكمال مدة التدريب بالمعهد العالي للقضاء لقضاة دائرة الجديدة، كباقي قضاة هذا الوطن الحبيب طبعا، وقبل الشروع في الممارسة أدوا اليمين ليعدلوا وليقضوا بضميرهم وليجتهدوا ليكونوا نزهاء، وليتحلوا بالورع والاستقامة. لكن رئيس غرفة الاستئنافية بابتدائية الجديدة المدعو “عبد الله التونسي” وبشروعه في الممارسة بالمدينة ظل حذرا فترة قليلة يتظاهر بوفائه ليمينه، وسرعان ما جرفته رياح الفساد فخان يمينه بالتدريج وشرع في إقناع نفسه بالأنواع المنوعة من الذرائع والمسوغات المغلوطة.. وصار كلما ازداد قدما بالمنطقة ازداد جرأة على الانحراف واستقبال الهدايا والرشاوى وطوع التدخلات، ولو كانت لصالح ظالم وتجرف حق المظلوم.
وهذا حال صاحبنا وسادتي بعض مستشاري الدائرة القضائية بالجديدة، ذكرت أسماء بعضهم لمسك الحجة والدليل، وتركت الآخرين لتوفري على السماع وهو يقين كذالك..
وقد سعوا بعد فضحهم والصدح بقول الحق فيهم من خلال عدة مقالات نشرت بهذا المنبر، إلى الانتقام من المناضل “محمد عصام” بصفته رئيس تحرير “لسان الشعب”، بالإسراع إلى الانتقام منه بأحكام جائرة..
وأقول لهم: إنهم خاطئون، إن الأحكام الجائرة لا تسكت الأحرار، ولا تلجم أفواه محبي العدل وكارهي الظلم.. وليعلم هؤلاء السفلة، أن السجن خلوة وانحناء لزرع القنبلة تحت أقدام المجرمين من خونة اليمين..
وليعلم الظالمون أن المنكر لا يذهب بالصمت بل بالتشهير باصحابه ليحذرهم الناس، ويمقتهم الناس، ويستعدوا لدفاع شرهم، وهذه رسالة العلماء مع كامل الأسف وتخلوا عنها وحملها الإعلاميون ويلاقون العناء أمام جبروت هذا النوع من الطغاة ومحتاجين لصوت العلماء لتجميع شجاعة الأمة لقلب الكراسي من تحت أرجل الظالمين..
فهل يرضى علماء الأمة أن يترك هؤلاء الذئاب الموكل إليهم الفصل بين الناس بالعدل وأجورهم من خزينة الأمة أم يضعوا القضايا في المزاد بين الظالم والمظلوم وقوي الحجة و ضعيفها، بتنصيب السماسرة من ذوي البذلة السوداء وزرع آخرين بالبر والبحر.
فتجدهم من قطيع الأمة وعواهنها، هذا فلاح وهذا تاجر صغير وهذا بحار وهلما جرا. تجالسهم صدفة تحكي همّا تحمله جراء قضية معروضة على القضاء، فيقال لك: هذه أمرها بسيط والحل موجود وأعرف فلان ستدفع له كدا، فيقضي لصالحك ولو كنت قاتلا.وشاع صيت العديد من هؤلاء بدكالة لتحقق النتائج بالتمام.
والغريب أن تجد هؤلاء لا يتحرجون من علم الناس برشاواهم، بل يفتخرون بين الرعية ليزداد زبنائهم ويذكرون أعاليهم من مواليهم لتخويف الراغبين في مقاومة فسادهم.
إذا كان في التاريخ العبر بجهر علماء بالحق ضد ظلم حكام الأمة بأعلى الهرم للمسؤولية على الظلم ممن يأتمرون بأوامرهم ويقسمون بين أيديهم.
فمطلوب من علماء اليوم مساعدة ولي الأمر على مقاومة الحكام الصغار الذين يخونون اليمين ولا يحكمون بالعدل ويرتشون في غفلة منه، لأنه لو علم وعرف لكان في طليعة المستنكرين ولضرب على أيديهم بيد من حديد لأنهم ينخرون أساس الحكم وهو العدل بين الرعية.