محمد عصام//
لا أظن أن مؤسسة تقتضي اليقظة الدائمة للغيرة الشعبية، أكثر من مؤسسة القضاء..
لا أظن أن مؤسسة تقتضي الحرص على تحفظ وحفاظ على وقارها وشرفها ومروءتها أكثر من مؤسسة القضاء..
كيف يهدأ للمرء بال خاصة إذا كان رجل الإعلام، أن يتغاضى على مشهد يصدر عن الوكيل العام لاستئنافية الجديدة بتصرفات لها صلة بالوقار والشرف والنبل والمروءة والحياد والاستقلالية والتجرد والتحفظ المطلوب من القاضي، في الوقت الذي طغى على بعض قضاة محاكم الجديدة الوهم على العقل، والثقل على الشعور، فبات وعيهم أشبه بمريض ينازع البقاء على سرير محاط بالموت..
إنه زمن الانحطاط، فأين الحق؟
الحق موجود في سراديب الزنازين، وهو ما يظنه الجميع أنه الحق، والحال فهو الباطل المزين بثياب الحق المسروق، يتجول بحرية ليغير قاموس المفاهيم، لتصبح سرقة الحق شطارة، واختلاس الحق جدارة، والطعن في الحق بطولة، والاعتداء على الحق مهارة..
وعودة إلى الخصال الفاضلة التي يتحلى بها الوكيل العام باستئنافية الجديدة في إطار أخلاقيات المهنة وأعرافها ومراسها، التي صحح من خلالها أخطاء الضابطة القضائية بالجديدة ومسح معالم الحيل التي طفت على سطح تعليمات النيابة العامة بابتدائية الجديدة من أجل تفريغ مضامين كاميرات المراقبة بالمستشفى الإقليمي بالجديدة من قبل الضابط ومديرة المستشفى، اللذان كانا موضوع التستر على الجرم المشهود الذي ارتكبه الطبيب المدعو “النتيفي” الذي يشتغل بالمستشفى المذكور..
وتفجرت هذه القضية على ضوء شكاية تقدمت بها السيدة “ز.الغالية” في إطار الامتياز القضائي إلى وكيل العام للملك، في مواجهة الضابط والمديرة المعلومة من أجل التهاون الذي طال تعليمات النيابة العامة بابتدائية الجديدة، فأعطى وكيل العام للملك من جديد تعليمات صارمة، إلى الضابطة القضائية قصد الاستماع إلى الضحية وتفعيل التعليمات السابقة، الرامية إلى تنزيل مضامين كاميرات المراقبة بخصوص الشكاية الكيدية التي تقدم بها الطبيب “النتيفي”، بعد أن عمد على استمالة شاهد زور يشتغل كحارس أمن بذات المستشفى من أجل تلفيق تهمة إهانة موظف، وغايته هي لي دراع الضحية من أجل التنازل لفائدة زوجته الطبيبة المسماة “كوثر” التي ارتكبت في حق الضحية جرما ظاهرا للعيان، كاد أن يودي بحياتها لولا لطف الله..
سبحان الله العلي العظيم، ولله في خلقه شؤون، فكثيرا ما تجد قاضيا لا يفكر في المحاسبة الإلهية، والذين يضلون في سبيل الله، لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب. وقلما تجد قاضيا نزيها وذا سلوك حسن، يحكم ويأمر ويقرر بين الناس بالحق ولا يتبع الهوى، وهذا مسلك القاضي النزيه المخلص المحنك الذي يحافظ في سائر تصرفاته على صفات الوقار والكرامة التي تتطلبها مهامه، ولعل التعليمات الصادرة عن وكيل العام للملك باستئنافية الجديدة في هذا الملف لنموذجا صارخا، يوحي بالكشف عن الحقيقة التي طالها التزييف والفبركة..