محمد الهيني
في الوقت الذي تناضل فيه حفصة بوطاهر من أجل تحصين النساء ضد الاعتداءات الجنسية والجرائم الأخلاقية، باعتبارها ضحية تحمل لواء المنافحة ضد الجرائم المبنية على النوع الاجتماعي، نجد في المقابل خديجة الرياضي تمعن في الانتصار للمتهم في جرائم الاغتصاب، وتناضل فايسبوكيا من أجل إفلاته من العقاب، وعدم تحمله التبعات القانونية للجرائم المنسوبة إليه.
وفي الوقت الذي تتحمل فيه الضحية ومحاميها مشاق تأسيس إطار مؤسساتي للدفاع عن الحقوق الفئوية للنساء ضحايا الجرائم الجنسية، وتكابد من أجل حلحلة النقاش العام لاستهجان هذا الصنف من جرائم العنف الذي يطال النساء، وهي مهمة الحقوقيين أساسا وليس الضحايا، فإننا نجد في الجهة المقابلة خديجة الرياضي تستعمل الورقة الحقوقية للتطبيع مع جرائم الاعتداء الجنسي الذي يستهدف النساء، في “وصم بالعار” للنضال الحقوقي بالمغرب.
وفي الوقت الذي كنا ننتظر فيه ” توبة” خديجة الرياضي واستبرائها من وزر تسريب شكاية حفصة بوطاهر والوشاية بها للمتهم عمر الراضي، في خرق لواجب التحفظ، وفي انتهاك لسرية المجالس، وفي ضرب لمبادئ العمل الحقوقي،أصرت حقوقية النهج الديمقراطي إلا أن تثخن الجراح وتنكأ الندوب وتأخذها العزة بالإثم في معرض النكاية بحفصة بوطاهر والنكوص لأخلاقيات ومبادئ النضال في الدفاع عن حماية حقوق الإنسان.
وفي الوقت الذي كان الجميع ينتظر مصالحة خديجة الرياضي مع ذاتها قبل التصالح مع مرجعيات الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، التي تجعل من حقوق النساء تيمة تسمو بها الإنسانية جمعاء، حرصت هذه الأخيرة على إخلاف موعدها مع التاريخ، بعدما “خرّجات عينيها مزيان” في ضحية عمر الراضي، وكأن لسان حالها يقول بلا مواراة وبدون مواربة”بصحتو يغتصبك”، بذريعة “أنه فحل منذور للنضال فوق شرف النساء” ،وهو تصور لا يختلف في شيء عن جهاد الدواعش
للأسف، إنه العالم بالمقلوب، حيث المناضل(ة) الحقوقي (ة) يستبيح عرض الضحايا ويشرعن هتكه واغتصابه تحت مسمى “جهاد النكاح”، بينما تستميت الضحايا لوحدهن من أجل إعلاء صوتهن فوق صوت المغتصبين. ويبقى الوصف الأكثر بلاغة للتعبير عن هذا الموقف الشارد هو اللفظ الذي استعملته الضحية حفصة بوطاهر في ندوة “مصافحة الحقيقة” عندما قالت أن خديجة الرياضي ومن في حكمها يريدون من الضحايا أن يكونوا “زبّالة” ليعبث فيها العابثون ممن يملكون زورا “حصانة” الجمعيات الحقوقية.