محمد عصام//
لقد عرفناه كما عرفه غيرنا، ولقد عشناه كما عاشه غيرنا، ولقد قلناه كما قاله غيرنا.. ولقد كان السبب في مأساة العديد من الأحرار، ولقد كان السبب في بناء الزنازن لهم بالخلاء والقفار، ولقد كان السبب في هجر العديد منهم للديار.. إنه فساد بعض المسؤولين، وإنها مناهضته..
لقد تخلى بعض المسؤولين عن سماعه، كما تخلى العلماء عن إسماعه، فكان السبب في انقراضه، فأرخى الفساد بسلطانه، إنه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر..
لقد عم الثراء والفساد هنا، وعم الفقر والسخط هناك، فماذا عسى يفعل هذا؟ وماذا عسى يفعل ذاك؟
لا محالة مهما سكت وصمت هذا، فسيتكلم وسيصرخ… سيقوم، سيثور، سينتفض، سيطالب، سيحتج… ولا محالة سوف لن يعجب ذلك ويروقه، كلام هذا ولا صراخه، لا قوميته ولا ثورته ولا انتفاضته ولا مطالبه ولا احتجاجه..
ومن جهة أخرى، وعلى الإعلامي أن يكون له مصادر وثيقة الاطلاع، والحجج فرض والضرورة والتعليق له حرية التعبير، ويمكن وصف عميد الشرطة أو القاضي أو قائد أو عون السلطة وغيره إذا كان لا ماض له يذكر في مجال المهنة، بمحتل المهنة كما احتلت إسرائيل فلسطين..
رد الفعل إذن، كل سيستخدم أساليبه وحيله وبالتالي قوته.. ولاستعمال ذلك بالطبع أثار، وأثار وخيمة مع العناد، وهو معهود من بعض المسؤولين وغير معهود من المواطنين، والله أعلم هذه المرة..
لقد انخدع “حميد المهداوي” لما سمع الصوت يعلو رسميا وغير رسمي.. لقد صادقنا على المواثيق الدولية، لقد صرنا مثل الآخرين الراقين، سنفعل مثلهم، سنحترم حقوق الإنسان، سنعطي الحرية للناس للتعبير، وللصحافة للتشهير بالفساد والمفسدين، سنعطي الحقوق وسنلتزم بالواجبات، فلكم الحق في الحياة وفي القبر بعد الممات، ولكم الحق في العمل، الضامن للعيش الكريم، ولكم الحق في السكن الحافظ للكرامة، ولكم بالطبع نصيب من ثروة الأمة.. وعلينا واجب العدل بينكم لا بينكم وبيننا، وعلينا واجب توفير الأمن لكم الجسدي والفكري والروحي… فكونوا واثقين مطمئنين، ولا تتعبوا أنفسكم بالتفكير في المصير، فنحن من سيفكر بالنيابة عنكم..
لقد انخدع “حميد المهداوي” بما سمع وظن ذلك حقيقة، ويعني المواطن العربي، ولم يفهم أن الأمر مقصود به خداع المنتج المصدر، ليصدق بأن بضاعته استهلكت فعلا ولم تُرم بالمزبلة..
انخدع فصار يفيد ويزيد.. فالتهم كل هامش الحرية الذي خصص له في ظرف وجيز، فأدخل السجن، لقد ظلم نفسه، إذ كان عليه أن يأكل على أقساط..
لقد خطأ “حميد المهداوي”، لما ترك دفاعه يلتمس له البراءة، وما علم أنه لم يبق له نصيب في الخارج من أكسجين الحرية، وكان على دفاعه وأقاربه بدل ذلك، أن يسافروا إلى الخارج ليشتروا له قنينات أكسجين الحرية، فهناك بثمن بخس وبكميات كبيرة، عكس ما لدى العرب حيث تبقى باهظة الثمن وبوجود نادر..