بقلم: الدكتور إبراهيم عروش//
يُرْوىٰ أن ضباعاً اشتَدَّ عليهم الجوع في زمن قَحْطٍ وهم مجتمعون يجْترُّون ما قلّ بِـمعدتهم ويرتون لحالهم ، مرَّ عليهم ثعلبُ، فأوقفه كبيرهم غاضباً : مالي أراك دائم الركض واللعب متبخترا مُنْتشياً وَافِرَ الأكل والشرب ، من أين لك هذا ؟ وأنت ضعيف البنية هزيل الجسد وحيداً ، ونحن معشر الضباع عصبةُ نستقوي ببعضنا في الصيد وفي المعارك أقوياء ، فُكُوكُنا تَطْحَنُ العظام وأنيابنا تُمَزًقُ الوَبَر والجِلْدَ ، وها نحن نتضوًرُ جُوعاً وعَطَشاً ، إني أعلم أنك تُخفي سِرًاً وأنت لست اكثر منا مكراً وخداعاً، والله إن لم تَبُح به لألتَهِمُك في لقمةٍ واحدةٍ ، فنظر الثعلب الى الضبع بهدوء المتيقن وقال : إني معي ورقة سحرية كلما شعرت بالجوع والعطش حملتها معي وقصدت القرية وما إن أصل الى بيت أغنيائهم وفقرائهم أرمي بورقتي فيخرجون لي مالذً وطاب من الأكل معزًزاً مكرّماً، فأنصرِفُ الى حال سبيلي ، فسأله كبير الضباع وأين هي هذه الورقة ؟ فأجابه الثعلب إنها معي خذها ولا تخف ولكن إذا حاول بعض السكان الهجوم عليك فلا تفزع ولاتندهش سترى بعد حين مفعول الورقة السحرية الذي يدون زهاء خمس سنوات عِجافٍ
فأخذها رئيس المغفلين وقصد القرية ينشد أكرم البيوت وأغناها وما إن وصل حتى وضع الورقة فخرجت عليه الأهالي وأوسعوه ضرباً حتى كاد يغمىٰ عليه ، فهرب قاصداً مغارته يَـئنُّ ويصيح من الألم.
وبعد أيام تحسًن حاله فخرج غاضباً يبحثُ عن الثعلب وما إن وجده حتى هجم عليه : كيف لماكر مثلك أن يخدعني؟ سترى إنتقامي ، فنظر الثعلب الى الضبع المنهك المتعب وقال : بالله عليك أنا لم أخدعك ولم أغُشًكً وما ذنبي أنا إذا كان سكان القرية لا يقرأون الورق ؟!!!!