
لسـان الشعـب//
انقطعت… فانعزلت عن الكتابة منذ شهور، حتى لا يصبح مصير القلم الأزرق مفقودا بين الأيادي، كانت أحلامي واسعة الخيال، تصب في واد متعدد الينابيع محملة بالجمود والتحطيم الذي لا يفارق كيان صاحبه، رغم حديثي معه أن لا يستسلم للجمود، للصمود الذي حطم أقرانه في الحرفــة، فكان قراره منفردا، سألته مرارا عن مصيره الغريب؟ عن حياته؟ عن تطلعه؟ عن تشاؤمه؟ فلم يجب.. فعرفت أن طبيعة عمله تستدعي الانتظار والترقب الصامد..
استفسرت حبيبته “الورقة البيضاء”، فأجابت قائلة: حملت همه قبل أن يخطط أو يدون أو يرسم السبيل الذي يرغب فيه فؤادي منذ سنين، لعلني أجد معه حلا مُرْضِيًا ومقنعا، استعدادي كان حاضرا معه، وصيتي له منبعها ليس غيورة عليه أو عاطفة كباقي الأوراق الأخرى المبعثرة عند لأصحاب الدكاكين وفوق “البيروات” المكاتب فقط. بل ولوج إلى الواقعية المفروضة بشكل عقلاني..
قلمي الأزرق مسكين لا حول له مع هؤلاء الذين تركوا بصمة العار والشوك قبل أن يرى النور الدامس، قبل أن يستحضرهم على رؤوس الأصابع… ضحكت الورقة وتدحرجت وتمتمت هنيهة لتواصل حديثها عن القلم الضائع بين الأنامل المتسلطة عن الميدان، برهنت بقولها أن القلم ليس له أعداء، لأنها تعرف مقياس تفكير عقول هاته الفئة..
لقد حاولوا وتحايلوا على استضافتي، على جلوسي، على عملي، على دراستي، على شخصيتي، على نزاهة عملي… بحثوا عني وأرسلوا كلابهم المسعورة تنبح أمامي، فوجدتْ عظاما انشغلت في.. قدموا اعتذارات التوسل، واقتربوا مني لأسرد قصتي المتشابكة الخيوط، فاستمتعوا بقصة مغايرة لقلمي الأزرق..
قلمي الأزرق مسكين لا حول له مع هؤلاء الذين زرعوا بصمة العار والشوك في نفوس الذين لا يعرفون المجاملة والمزايفة..
قالت الورقة البيضاء باكية: ضايقتني أسئلتهم المتكررة، وفي نفس الوقت وجهت سؤالا للقلم الأزرق المسكين الذي لا حول له مع هؤلاء الذين زرعوا الحقد، فأجاب: لن أكتب ذكرياتي وأسراري ستدفن معي، عرفت أن الحديث معه مضيعة للوقت، راودتها القولة المشهورة: “ما عند الصح ما يدي من الباطل” وطلبت المعذرة من القلم الأزرق الذي كان في غنى عنها، لانهماكه في..
انصرفت الورقة البيضاء وفي جعبتها أفكار لا بد من توظيفها في خانات المفقودين والممتنعين عن الكتابة، عزوف قلمي الأزرق عن رسم خطوط مصيره ليس ورائه تأثير بيئي فحسب، بل عداوة مرتبطة بزمن الغفلة في البيع والشراء، في زمن يسوده الصمت الكتابي في واقعية الوضوح.
قلمي الأزرق مسكين لا حول له مع هؤلاء الذين زرعوا الكراهية في الأخ من شقيقه، في الولد الصالح من أبيه، في العائق مع غريمه في القلم الأزرق المسكين.. وورقته البيضاء..