
محمد عصام//
إنها بلا شك أحكام قاسية في حق الحق والبراءة في حق الظلم، تصدر في المحكمة الابتدائية بالجديدة في بعض ملفاتها، فعبر تاريخها انتصر الظلم على الحق في العديد من القضايا التي راجت في قاعاتها، وبمكاتب قضاتها، وراح ضحية أحكامها الألاف من الأبرياء، وتجبر نتيجة لأحكامها العديد من الطغاة ذوي المال والجاه والنفوذ، وتحملت عاصمة دكالة مرارة كل ذلك في انتظار قيام القيامة للقصاص..
هذه المرة سرى وسط الناس إحساس غريب، ربما استعجل بداخله أمرا للقصاص في الدنيا، حيث لم يبق لديهم جهد لامتصاص مزيد من الظلم والباطل، وحيث لم يبق له صبرا لانتظار قصاص الآخرة وانطلق الإحساس بأجسادهم يسري بقوة في اتجاه استعجال قصاص الدنيا وما ذلك بغريب، فعديدة هي الثورات والحروب والانتفاضات… التي حركها طغيان الظلم وتجبر الباطل وهزيمة العدل وضعفه..
فبعاصمة دكالة بأمس القريب وصل إلى علمي أن محكمة “حسن أبلول” قضت بالبراءة لفائدة زوجة امبراطور المخدرات المدعو “حمدون” ولم يكن الحق ساطعا، بل كان الحكم لفائدة سلطة المال، ودافع عنه المسؤول القضائي، ولما سألته “لسان الشعب” عن ذلك وهو خارج من محكمة قضاء الاسرة، فكان رده “بألفاظ نابية” وقال هذا من طينتي.. ولما تابعتهما، وجدتهما يمتطيان سيارة واحدة ويذهبان إلى مطاعم الأسماك بالجديدة وأشياء أخرى ولنا عودة من أجل فضحهما.. ولما أحيل الملف على استئنافية الجديدة الذي يرأسها قاض نزيه مشهود له بالحنكة والحصافة والتبصر، صحح نائبه الذي كان يرأس غرفة الجنحي التلبسي الأستاذ: “الصغير” الخطأ الفادح الذي ارتكبته “محكمة أبلول” الذي تم إبعاده عن غرفة الجنحي التلبسي خوفا من فضحه على سطوح الإعلام النزيه، فكان الحكم استئنافيا بــ 6سنوات حبسا نافدا عوض البراءة ابتدائيا بمبادرة المسؤول القضائي.. وعلاقة بالموضوع، فاستقلال القضاء يعني أن القاضي يجب أن يكون في أداء مهمته غير معرض لأي تدخل من جانب المسؤولين القضائيين، ولا يعني استقلال القضاء أن يترك له حق التصرف تحكميا، بل تبقى مهمته تأويل القانون ومبادئه العامة والحرص كل الحرص على رعاية الحريات والحقوق الأساسية للمواطنين وحمايتها من تعسفات السلطة التنفيذية وظلال التأثيرات الخارجية المصطنعة..
واليوم يتكرر هذا ويكثر الضحايا والجلادون يستفيدون من نجاة خلفهم، ويواصلون مسيرة الجور، والدوافع متطلبات الجسد وتزول..
إنها الحقيقة المرة بلسان جريدة “لسان الشعب” إنه الورش المستعصي، إنه ركائز الأمة، إنه ضامن استقرار النظام..
ولمصلحة الوطن أن يستعجل ملك البلاد نصره الله وأيده ونائبه المقتدر رئيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية إصلاح هذا الورش بضرب رموز الفساد بداخله، ليسترجع المواطن الثقة في القضاء، ويعدل عن التفكير في قصاص الدنيا بالقناعة في قصاص الآخرة..
ويشهد الله والتاريخ أن القضاء المغربي النزيه يدافع بعناد وإصرار عن الحق وإيمانهم بأن القضاء قادر على أن يسترد الحقوق بوحدة المبادئ ووحدة الأهداف ووحدة المصير حتى يحقق المواطن الحق التي يصبو إليه المجتمع. ولنا عودة إلى الموضوع لاحقا من اجل فضح أحكام الفاسدين وسرد وقائع جلسة الجنحي العادي التي راجت بتاريخ 2025/2/28 في إطار الانحياز والممالاة التي تعاقب القاضي بالفصل 254 من القانون الجنائي وذلك بإيعاز من المسؤول القضائي..